(ثانيا) ان الاستثناء حد للمستثنى منه لا انه مثبت لشئ بعد الاستثناء، وما قيل من أن الاستثناء اخراج بظاهره لا يصح فان قوله جاء القوم الا زيد في مقام اثبات المجئ لمن عدا زيد لا عدم المجئ له، ولو فهم عدم مجيئه أيضا ليس لدلالة الاستثناء على الاخراج، بل تحديد الجائي بغير زيد كاف لانفهام ذلك، فتدبر جيدا. وكيف كان فذيل دليل لا تعاد حافظ لاطلاق الدليل الأول لا انه مثبت لشئ. (وثالثا) ان الركنيات أعم من ذيل لا تعاد ولا سيما بملاحظتها في غير باب الصلاة كالحج، ولا دليل في مطلقها حتى يكون حكمها حكم موارد الاستثناء في حديث لا تعاد، فما افاده من الترتيب بين دليل المأمور به وأدلة الحواكم لا يصح مع أنه غير مفيد لما هو بصدده، على ما سيأتي الكلام فيه عند تعرضه إن شاء الله. الخامس: لو لم يكن دليل الحاكم بلسان التنزيل وجعل بدلية الناقص مقام التام أو المبائن منزلة المبائن، بل كان بلسان التقييد ورفع الحكم الأولي عن مورد العذر فهل يرفع بذلك أصل الشرع أو الالزام؟ فيه كلام، فالمتقدمون حيث كانوا ملتزمين بالتركيب في الحكم من الجنس والفصل، وان الوجوب مركب من رجحان الفعل مع المنع من الترك اختلفوا فيها إذا ارتفع الوجوب هل يبقى الجواز أم لا يرتفع بارتفاعه؟ الا ان مبنى هذا الاختلاف فاسد، فان الحكم لو كان امرا تكوينيا بمعنى ان طلب المولى أي تصديه نحو البعث، فقد مر عدم تصور التركيب في الحركة الفاعلية سواء كان فعلا جارحيا أم جانحيا. ولو كان امرا اعتباريا بأن يكون مفاد الهيئة أي النسبة البعثية أو جعل المادة على ذمة المكلف اعتبارا أو البعث في مقام التشريع جعلا من الشارع النافذ اعتباره أو غير ذلك من التعبيرات فبساطته أوضح من أن يخفى، لعدم واقع للأمر الاعتباري في عالم العين فضلا عن تركبه من الجنس
(١٧٢)