ارتكاب خلاف الظاهر في الرواية، لما يندفع المحذور، وهذا يتم بالتحفظ على ظهور الرواية في دخل الامام في موضوع الوجوب، وحمل من عداه على الطريقية، وبيان ان الشرط حضور الامام مع بسط يده، وتمكنه من اجراء الحدود، فان حضور هؤلاء عند الامام من لوازم بسط يده وسلطته واقتداره غالبا، فيكون حاصل الرواية ان وجوب الجمعة مشروط بوجود الامام، وتمكنه من اجراء الحدود، كما في الرواية السابقة وموضوع الوجوب سبعة نفر من المسلمين، أحدهم الامام، كما في رواية محمد بن مسلم السالفة. وبهذا يظهر عدم موجب لحمل ذلك على المثال، أو غير ذلك مما هو خلاف ظاهر الرواية. فالانصاف الموافق للتحقيق تمامية هذه الرواية أيضا للدلالة على مذهب المشهور، وهو القول بالمنصبية.
فتحصل ان الجمعة امر ولائي منصبي لا تجب الا مع إقامة ولي الأمر ذلك ومع وجوده وتحقق الشرائط تجب تعيينا، لا تخييرا. ولا دليل على وجوب الحضور إلى مطلق الجمعة المنعقدة، نعم لو أتى بها مع عدم إقامة من له المنصب يجزي عن الظهر، والنتيجة هو اشتراط الوجوب التعييني واطلاق المشروعية. قال: الكلام في ما هو مقتضى القاعدة في حكم صلاة الجمعة مع صرف النظر عن الأدلة اللفظية. لو قلنا: بان ما دل على أن صلوات اليومية سبعة عشر ركعة لغير المسافر، له اطلاق بالنسبة إلى جميع الأيام كما هو كذلك، فالأمر واضح، فان أصالة الاطلاق تقتضي الاتيان بأربع ركعات ظهر يوم الجمعة.
ولو صرفنا النظر عن ذلك، فلو كان طرفي الاحتمال الوجوب التعييني لصلاة الجمعة والوجوب التخييري لها فالأمر دائر بين التعيين والتخيير، والمرجع أصالة البراءة عن التعيين. ولو كان للاحتمال طرف اخر وهو عدم مشروعيتها، فأيضا يرجع إلى أصالة البراءة عن التعيين. ولو كان الاحتمال دائرا بين الوجوب التعييني وعدم المشروعية،