مقام بيان شرائط الانعقاد، فلا تدل لا على وجوب العقد مطلقا، ولا على وجوب الحضور إلى مطلق الجمعة المنعقدة. والرواية الثانية ليست في مقام بيان وجوب الجمعة على كل شخص، فان ظهور الاستثناء في الاتصال يقتضي ان يكون المراد من الاحد هو الواحد النوعي لا الشخصي، فان المستثنى هي الأنواع لا الاشخاص، فيكون مفاد الرواية ان الجمعة واجبة على كل نوع عدا ما خرج فهي في مقام بيان دخل النوع في الوجوب، لا الوجوب على كل شخص. وبعبارة أخرى: ان الرواية ليست في مقام تشريع الجمعة بل انما هي في مقام بيان نفي وجوبها مطلقا عن المذكورات، ودخل غيرها في الوجوب لا في مقام بيان وجوبها المطلق على كل واحد، فهي بمثابة ان يقال: الجمعة الثابتة في الشريعة كيف كانت واجبة على كل أحد غير ما استثنى، لا تقييدا بل تقييدا من جهة ان الرواية في مقام بيان ما في طول التشريع، فافهم واغتنم. قال: ولكن هذه الروايات وان دلت على الوجوب على كل أحد بالعموم الا ان دلالتها على التعيين انما هو باطلاق ولابد من رفع اليد عن هذا الاطلاق، وحمل الوجوب على الوجوب التخييري لوجوه، وهذا هو المقام الثاني من الكلام. أقول: على ما ذكرنا سابقا قد عرفت انه لم توجد حتى رواية واحدة تدل على الوجوب التعييني في زمان عدم بسط يد الامام حتى بالاطلاق. فان المهم من الروايات التي تمسك بها على القول بالوجوب التعييني ما مر، وسيجئ بعض اخر منها.
وحاصل ما يقال في جميع هذه الروايات انها واردة في مورد حكم مرتب على التشريع فلا تدل على التشريع نفسه الا بالاستلزام، والدلالة الاستلزامية لا اطلاق لها بل هي مجملة من حيث سعة التشريع وضيقه، وقد مر بيان ذلك بنحو أوفى. وليعلم ان دلالة هذه الروايات ولو بملاحظة مجموعها على الوجوب التعييني في الجملة غير قابل للانكار فمع