شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٣٥
فذلك الخليفة الرسول. فكما أنه ما كل نبي رسولا، كذلك ما كل رسول خليفة.) أي (ما أعطى الملك ولا التحكم فيه.) كل غنى عن الشرح.
(وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية) بقوله: (ما رب العالمين؟) (فلم يكن عن جهل، وإنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه - وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم -) بالله. (فيستدل بجوابه على صدق دعواه، وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله) من أنه لا بد أن يكون لكل شئ حقيقة يكون بها هو، فأوهم الحاضرين بقوله: (ما رب العالمين؟) إن جوابه حينئذ هو الحد المشتمل على الجنس والفصل، لأن الحاضرين كانوا أرباب نظر وعقل ومعتادين أن يعلموا الأشياء بحدودها. وهو كان عارفا يعلم أن حقيقة الحق لا يمكن أن تكون مركبة من الجنس والفصل، لكنه تسلط عليه الشيطان فظهر بالأنانية.
(فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر) أي، فإذا أجابه موسى بما في نفس الأمر (24) (أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى. ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي.) أن يجاب به. (وهو في الظاهر غير جواب على ما سئل عنه، وقد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك، فقال (25) لأصحابه: (إن رسولكم الذي أرسل إليكم) على ما يزعم أنه رسول (لمجنون). مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلا.) أي، حقيقة الحق لا يتصور أن تعلم لغيره (26) أصلا. (فالسؤال صحيح:
فإن السؤال عن المهية سؤال عن حقيقة المطلوب، ولا بد أن يكون على حقيقة في نفسه.
وأما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس وفصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، ومن لا جنس له لا يلزم أن لا يكون على حقيقة في نفسه لا تكون

(24) - حيث قال: (رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين). (ج) (25) - قوله: (فقال) وهو جواب (لما). (ج) (26) - أي، لغير الحق.
(١١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1130 1131 1132 1133 1134 1135 1136 1137 1138 1139 1140 ... » »»