شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٣٦
تلك الحقيقة لغيره. فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق والعلم الصحيح والعقل السليم. والجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى.) فإن تعريف البسائط لا يكون إلا بلوازمه البينة.
(وهاهنا سر كبير. فإنه أجاب بالفعل لمن سأله عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.) أي، أجاب لمن سأل عن الحد الجامع لجميع ذاتيات الرب، بفعله وهو ربوبيته للسموات والأرض.
والمراد (بالفعل) المفعول. وهو السماوات والأرض. فجعل إضافة الرب إلى ما ظهر الرب بواسطته. أو إلى ما ظهر فيه من صور العالم عين الحد الذاتي.
(فكأنه قال له في جواب قوله: (وما رب العالمين؟) قال: الذي يظهر فيه صور العالمين من العلو وهو السماء، والسفل وهو الأرض (إن كنتم موقنين).) وقوله: (أو يظهر هو بها) عطف على قوله: (الذي يظهر فيه) أي، كأنه قال في جواب (ما رب العالمين؟) هو الذي يظهر فيه صور العالمين. أو الذي يظهر هو بصور العالمين. فضمير (بها) (للصور).
(فلما قال فرعون لأصحابه: (إنه لمجنون). - كما قلنا في معنى كونه مجنونا -) و هو أنه غير عالم بما سألته. (زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته) أي، مرتبة موسى. (في العلم الإلهي، لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك) أي، ذلك المعنى.
(فقال: (رب المشرق والمغرب). فجاء بما يظهر ويستتر، وهو الظاهر والباطن وما بينهما، وهو قوله: (بكل شئ عليم إن كنتم تعقلون). أي، إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد).
لما كان المشرق موضع ظهور الشمس والمغرب موضع استتارها وبطونها، قال: (فجاء بما يظهر ويستر) أي، جاء به تنبيها على أن كل ما ظهر من عالم الشهادة وعلى كل ما بطن من عالم الغيب، والحق هو الظاهر والباطن، كما أخبر عن نفسه بقوله: (وهو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم). فيكون عليما بما بين المشرق والمغرب، وبما بين الظاهر والباطن من
(١١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1131 1132 1133 1134 1135 1136 1137 1138 1139 1140 1141 ... » »»