أن يصحبه) أي، ولكون موسى عالما بالمرتبة التي حكمت عليه وأنطقته بالنهي عن المصاحبة. وتلك المرتبة هي مرتبة النبوة.
فضمير (علمه) و (هو) عائدان إلى (موسى).
(فسكت موسى ووقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم وتوفية الأدب الإلهي حقه) أي، وتوفيتهما الأدب الإلهي حقه. وإلى (إنصاف الخضر، عليه السلام، فيما اعترف به عند موسى، عليه السلام، حيث قال: (أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا) فكان هذا الإعلام من الخضر لموسى، عليها السلام، دواء لما جرحه به في قوله: (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا). مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، وليست تلك الرتبة للخضر. وظهر ذلك في الأمة المحمدية) أي، ظهر مثل ذلك الإنصاف من نبينا، صلى الله عليه و سلم، بالنسبة إلى أمته (في حديث (إبار النخل): فقال، عليه السلام، لأصحابه:
(أنتم أعلم بأمور دنياكم). ولا شك أن العلم بالشئ خير من الجهل به، ولهذا مدح الله تعالى نفسه بأنه بكل شئ عليم. فقد اعترف، صلى الله عليه وآله، لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح دنياهم منه، لكونه لا خبرة له بذلك، فإنه علم ذوق وتجربة، ولم يتفرع، عليه السلام، لعلمه ذلك، بل كان شغله بالأهم فالأهم (23) فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.) وتأديت بين يدي عباد الله بعدم الظهور بالدعوى والأنانية.
(وقوله: (فوهب لي ربى حكما) يريد الخلافة. (وجعلني من المرسلين).
يريد الرسالة. فما كل رسول خليفة: فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية.
والرسول ليس كذلك، إنما عليه البلاغ لما أرسل به. فإن قاتل عليه وحماه بالسيف،