شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٣٧
لوازمهما وعوارضهما، كالتأثير والتأثر والفيض والاستفاضة في العلوم وغيرها.
وإنما جاء بقوله: (إن كنتم تعقلون). لأن العقل يعطى التقييد، والتقييد إما في الظاهر، وهو الأجسام ولواحقها، وإما في الباطن، فهو المجردات و توابعها. فإن كنتم تعقلون، فاعلموا أن الحق هو الذي ظهر بالظاهر والباطن و جميع الصور المقيدة.
(فالجواب الأول جواب الموقنين، وهم أهل الكشف والوجود. فقال لهم:
(إن كنتم موقنين). أي، أهل كشف ووجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم و وجودكم.) لأن ما لا يكون التركيب في ذاته لا يمكن أن يجاب عنه بالجنس والفصل، فما أجبتكم به، هو جواب العارفين بالأمر، أصحاب اليقين والعيان.
(فإن لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني، إن كنتم أهل عقل وتقييد وحصر. ثم، الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم. فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه. وعلم موسى أن فرعون علم ذلك، أو لم يعلم ذلك.) أي، علم موسى أن فرعون عالم بفضل موسى وصدقه فيما أجاب به. أو سيكون عالما بذلك من الجواب. إذ الجواب الحق ينبه السائل بما ليس عنده.
(لكونه سئل عن المهية. فعلم) موسى (أن سؤاله ليس على اصطلاح القدماء في السؤال ب‍ (ما هو)، فلذلك أجاب. فلو علم) موسى (منه غير ذلك، لخطأه في السؤال.) اصطلاح القدماء في السؤال ب‍ (ما) طلب الجواب بالأجزاء الذاتية.
فلما علم موسى منه أنه ما سئل بذلك الاصطلاح، أجاب بما أجاب. ولو علم أنه سئل عن الاصطلاح، لخطأ فرعون في سؤاله. أي، كان يقول له: كيف تسأل بما عن شئ ليس له أجزاء ذاتية، فسؤالك ليس بسؤال العالمين بالاصطلاح.
(فلما جعل موسى المسؤول عنه عين العالم، خاطبه فرعون بهذا اللسان والقوم لا يشعرون، فقال له: (لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين).) أي، فلما جعل موسى عين الحق ظاهرا في أعيان العالمين، خاطبه فرعون بهذا اللسان. أي، فإذا جعلت عينه عين العالم، وأنا نسخة العالم، فأنا عينه. وذلك قوله تعالى:
(لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين). والقوم لا يشعرون بما جرى
(١١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1132 1133 1134 1135 1136 1137 1138 1139 1140 1141 1142 ... » »»