شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٤٦
على ما كان عليه، لأن (كان) حرف وجودي) أي، لفظ (كان) كلمة وجودية و إطلاق الحرف عليه مجاز (لا ينجر معه الزمان إلا بقرائن الأحوال.) أي، (كان) يدل على وجود الصفة المذكورة في موصوفه، ولا تدل على الزمان، والاستدلال بالزمان يحصل من قرائن الأحوال. كما تقول: كان زيد صاحب المال والجاه.
فمن شهودك في الحال فقره، تستدل على أن غناه كان في الزمان الماضي. وكذلك في قولك: كان فلان شابا قويا. أي، في الزمان الماضي، واليوم شيخ ضعيف. و لعدم دلالته على الزمان، يطلق على الله في قوله: (وكان الله عليما حكيما) وعلى غيره من الأمور الثابتة أزلا وأبدا، كما قال في قوله: (وكان ذلك في الكتاب مسطور) (فيفرق بين الكافر المحتضر في الموت، وبين الكافر المقتول غفلة، أو الميت فجأة. كما قلنا) في حد الفجأة.
(وأما حكمة التجلي والكلام (32) في صورة النار، فلأنها كانت بغية موسى، فتجلى له مطلوبه ليقبل عليه ولا يعرض عنه، فإنه لو تجلى له في غير صورة مطلوبة، أعرض عنه لاجتماع همته على مطلوب خاص.) أي، وأما حكمة تجلى الحق و كلامه مع موسى، عليه السلام، في الصورة النارية، فلأنه، عليه السلام، كان يطلب النار لحاجته إليها، فتجلى له الحق في صورتها ليقبل موسى، عليه السلام، على الحق المتجلي الظاهر على صورة مطلوبه ولا يعرض عنه، إذ لو تجلى له في صورة غير الصورة النارية، لكان يعرض عنه وكان يشتغل على مطلوبه لاجتماع همته على المطلوب الخاص.
(ولو أعرض، لعاد عمله عليه، فأعرض عنه الحق) أي، ولو أعرض، لعاد حكم عمله الذي هو الإعراض عليه، فكان يعرض عنه الحق أيضا مجازاة له.
(وهو (33) مصطفى مقرب، فمن قربه أنه تجلى له في مطلوبه، وهو لا يعلم.)

(32) - والكلام لموسى، عليه السلام. (ج) (33) - أي موسى.
(١١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1141 1142 1143 1144 1145 1146 1147 1149 1150 1151 1153 ... » »»