شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٣٣
تعالى عليه من أمرهما) بقوله: (رحمة الله علينا وعلى موسى، ليته صبر حتى يقص علينا من أنبائهما) (22) وفي رواية أخرى - متفق على صحتها - أيضا: (لو صبر أخي موسى، لرأى العجب، ولكن أخذ به من صاحبه دمامة). - الحديث.
(فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى، عليه السلام، من غير علم منه) (فيعلم) ب‍ (الياء) عطف على (يقص). أي، حتى يقص الله، فيعلم رسول الله الذي وفق إليه موسى من الأعمال من غير علم منه واختيار منه. (إذ لو كان عن علم، ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله. و مع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه) الخضر. (عليه في اتباعه رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.) أي، تلك الغفلة رحمة من الله بنا إذا نسينا حكم الله، حتى لا نؤاخذ بالنسيان.
(ولو كان موسى عالما بذلك، لما قال له الخضر: (ما لم تحط به خبرا). أي، إني على علم لم يحصل لك عن ذوق، كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.) أي، الخضر.
(وأما حكمة فراقه، فلأن الرسول يقول الله فيه) أي، في حقه. ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). فوقف العلماء بالله الذين يعرفون قدر الرسالة والرسول عند هذا القول، وقد علم الخضر أن موسى رسول الله، فأخذ يرقب ما يكون منه) أي، ما يصدر منه (ليوفى الأدب حقه مع الرسول) أي، وقف العلماء بالله، كالخضر وغيره، عند هذا القول، وهو: (ما آتاكم الرسول فخذوه) ليوفى الأدب حقه مع الرسول.
(فقال له: (إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني). فنهاه عن صحبته. فلما وقعت منه الثالثة، قال: (هذا فراق بيني وبينك). ولم يقل له موسى لا تفعل، ولا طلب صحبته، لعلمه بقدر الرتبة التي هو) أي، الخضر (فيها التي أنطقته بالنهي عن

(22) - نقل السيوطي في الجامع الصغير عن أبى داود والنسائي: (رحمة الله علينا وعلى أخي موسى ليته صبر...). في نسخة: (لو صبر...).
(١١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1128 1129 1130 1131 1132 1133 1134 1135 1136 1137 1138 ... » »»