شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٣٩
(فلما فهم ذلك موسى منه) أي، فهم ذلك الحكم والتسلط بحسب المرتبة منه. (أعطاه حقه في كونه يقول له: لا تقدر على ذلك.) أي، أعطى لفرعون حقه حال كونه. أي، كون موسى يقول له: لا تقدر على ذلك.
(والرتبة) الفرعونية (تشهد له بالقدرة عليه وإظهار الأثر فيه، لأن الحق في رتبة فرعون من الصورة الظاهرة لها التحكم على الرتبة التي كان فيها ظهور موسى في ذلك المجلس.) لكن ليس له سلطنة على موسى ورتبته، لأنه أعلى منه مقاما و أرفع منه درجة، كما أخبره بقوله: (لا تخف إنك أنت الأعلى) أي في العاقبة.
ولما كان له التحكم في ذلك المجلس، جعل موسى يدافعه، (فقال له) حال كونه (يظهر له المانع من تعديه عليه: (أو لو جئتك بشئ مبين). فلم يسع فرعون إلا أن يقول له: (فأت به إن كنت من الصادقين). حتى لا يظهر فرعون عند ضعفاء الرأي من قومه بعدم الإنصاف فكانوا يرتابون فيه، وهي الطائفة التي استخفها فرعون وأطاعوه (إنهم كانوا قوما فاسقين) أي، خارجين عما تعطيه العقول الصحيحة من إنكار ما ادعاه فرعون باللسان الظاهر في العقل، فإن له) أي، للعقل (حدا، يقف عنده، إذا جاوزه صاحب الكشف واليقين. ولهذا) أي، ولأجل أن للعقل حدا، يقف عنده، وصاحب الكشف يتجاوز عنه، وليس للكشف نهاية، لأنه بحسب التجلي ولا نهاية للتجلي (جاء موسى في الجواب بما يقبله الموقن) صاحب الكشف واليقين. وهو الجواب الأول. (والعاقل خاصة.) وهو الجواب الثاني.
((فألقى عصاه) وهي صورة ما عصى به فرعون موسى في إبائه عن إجابة دعوته، (فإذا هي ثعبان مبين) أي، حية ظاهرة.) لما كان (عصا) مأخوذا من (العصيان) وفرعون هو الذي عصى ربه وأبى، جعل العصا صورة ما تحقق به إباء فرعون وعصيانه عن إجابة الدعوة. وليس ذلك إلا النفس الأمارة، فالعصا صورة النفس الأمارة. فإذا انقلبت حية، صارت صورة النفس المطمئنة المفنية للموهومات و المتخيلات. لذلك قال: (هي عصاي أتوكأ عليها) أي، استعين
(١١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1134 1135 1136 1137 1138 1139 1140 1141 1142 1143 1144 ... » »»