شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٢٩
وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدث والقديم، فتكمل مرتبة العلم بالوجهين.) هذا جواب عن سؤال مقدر. وهو أن يقال: الحق، سبحانه و تعالى، قديم، عالم بذاته وبكمالاته كلها، فهي حاصلة له قبل الظهور و وجود العالم في العين، فما فائدة الظهور؟
فقال: علمه بذاته من حيث غنائه عن العالمين حاصل له أزلا وأبدا، لكن تمام مرتبة العلم هو العلم في صور المظاهر الذاتية، وهو العلم الحادث الذي يظهر في الأعيان عند وجودها. وهو المشار إليه بقوله تعالى: (لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه).
(وكذلك يكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي، ومنه غير أزلي، و هو الحادث. فالأزلي وجود الحق لنفسه، وغير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت، فيسمى حدوثا لأنه يظهر بعضه لبعضه، وظهر لنفسه بصور العالم. فكمل الوجود، فكانت حركة العالم حبته للكمال. فافهم.) أي، كما قلنا في العلم، كذلك نقول في الوجود وجميع مراتبه ولوازمه، لأن الوجود أزلي وغير أزلي:
والأزلي هو الوجود عينه مع كمالاته، وغير الأزلي هو الوجود المتعين بتعينات خاصة ظاهرة على صور الأعيان الثابتة. والأول قديم، والثاني حادث، فكمل الوجود ومراتبه بالعالم، فظهر أن حركة العالم حبية.
(إلا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم) أي، ألا ترى الحق كيف نفس عن أسمائه الإلهية ما كانت تجد الأسماء الإلهية من الكرب حين عدم الظهور بكمالاتها في أعيان العالم (فكانت الراحة محبوبة لها) أي، للحق. (ولم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري) أي، الظاهر الشهادي (الأعلى والأسفل. فثبت أن الحركة كانت للحب.) أي، ثبت أن أصل الحركة وحقيقتها حصلت من الحب (فما ثمة حركة في الكون إلا وهي حبية.) لأن الجزئي مشتمل على كليه.
(فمن العلماء من يعلم ذلك) وهو العالم بالحقائق (ومنهم من يحجبه السبب الأقرب) وهو العالم بالأحكام، لا بالحقائق الناظر في الأسباب الظاهرة (لحكمه
(١١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1124 1125 1126 1127 1128 1129 1130 1131 1132 1133 1134 ... » »»