شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٤٥
(حتى يروا العذاب الأليم، أي يذوقوا العذاب الأخراوي) عند الموت الطبيعي (فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذي ورد به القرآن.
ثم، إنا نقول بعد ذلك: والأمر فيه إلى الله بما استقر في نفوس عامة الخلق من شقائه) في الآخرة (وما لهم نص في ذلك (31) يستندون الشقاء إليه.) لا إلى الله.
(وأما آله، فلهم حكم آخر ليس هذا موضعه.) أي، حكم فرعون حكم المؤمنين الطاهرين المطهرين، إذ ما وقع بعد الإيمان منه عصيان، والإسلام يجب ما قبله.
وأما حكم آله، فحكم الكافرين من وجه، لأنهم جعلوا الرب المطلق والمعبود الحق مقيدا في صورة فرعونية فستروا الحق في صورته الباطلة، وحكم المؤمنين من وجه، لأنهم ما عبودا في صورته إلا الهوية الإلهية الظاهرة في المجالي المختلفة. فرضي الله عنهم من هذه الحيثية ورضوا عنه، وإن كان من حيث تقيدهم إياه يعذبهم. ولما لم يكن هذا موضع بيانه، قال: (ليس هذا موضعه.) (ثم، ليعلم أنه ما يقبض الله أحدا إلا وهو مؤمن، أي مصدق بما جاءت به الأخبار الإلهية) لأنه يعاين ما أخبر به الأنبياء، عليهم السلام، من الوعد والوعيد.
(وأعنى من المحتضرين.) أي، وأعنى بهذا القول من يكون من المحتضرين لا من يموت مطلقا.
(ولهذا يكره موت الفجأة وقتل الغفلة. فأما موت الفجأة فحده أن يخرج النفس الداخل ولا يدخل النفس الخارج. فهذا موت الفجأة. وهذا غير المحتضر.
) ولما خص المحتضر بالذكر، أراد أن يفرق بينه وبين غيره فقال: (كذلك قتل الغفلة بضرب عنقه من ورائه وهو لا يشعر، فيقبض على ما كان عليه من إيمان أو كفر. ولذلك قال، عليه السلام: (ويحشر على ما مات عليه) كما أنه يقبض على ما كان عليه. والمحتضر ما يكون إلا صاحب شهود، فهو صاحب إيمان بما ثمة. فلا يقبض إلا

(31) - قوله: (في ذلك) أي، في الشقاء الأبدي.
(١١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1140 1141 1142 1143 1144 1145 1146 1147 1149 1150 1151 ... » »»