شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٧٣
على وجود الآخر. هذا إذا أخذنا وجود كل منهما مجردا عن العلية والمعلولية. وأما إذا أخذنا هما مع الصفتين فلا بد من أن يتوقف كل منهما على الآخر.
ومعنى (التحرر) هو أن الناظر تحرر في نظره عما يوجب التضايف، أي، يأخذ ذات كل منهما مجردا عما يوجب التضايف.
(وغايته في ذلك أن يقول: إذا رأى الأمر على خلاف ما أعطاه الدليل النظري إن العين بعد أن ثبت أنها واحدة في هذا الكثير، فمن حيث هي علة في صورة من هذه الصور لمعلول ما، فلا تكون معلولة لمعلولها في حال كونها علة، بل ينتقل الحكم بانتقالها في الصور، فتكون معلولة لمعلولها، فتصير معلولها علة لها. هذا غايته إذا كان قد رأى الأمر على ما هو عليه، ولم يقف مع نظره الفكري.) أي، وغاية العقل أنه إذا شاهد الأمر لا على ما يعطيه نظره العقلي، بل على ما هو عليه، كما يعطى التجلي للمكاشف، أن يقول مصححا لما يعطى التجلي وموجها له: أن العين بعد أن ثبت وحدتها، أي بعد تسليم أن الذات الظاهرة في هذه الصور الكثيرة واحدة، فهي علة في صورة من الصور لمعلول ما. ومن حيث إنها علة ليست معلولة لمعلولها، بل من حيثية أخرى، وهي باعتبار ظهورها في صورة المعلول أيضا، فينتقل حكم العلية إلى الصورة المعلولية بانتقال تلك العين إليها. أي، بظهور تلك العين في صورة المعلول، فيصير معلولها علة لها. هذا غاية ما يقدر العقل عليه عند شهوده الأمر على ما هو عليه. وهو ضعيف. لأنه لا انتقال للذات من صورة العلة إلى صورة المعلول لينتقل العلية معها. - وأنت تعلم أن الجهات المختلفة التي يعتبرها العقل والنسب التي يضيفها إلى الذات الأحدية كلها متحدة في عين الوجود مستهلكة في الذات الأحدية. فما في الوجود إلا ذاته تعالى الظاهرة في صورة بالعلية وفي أخرى بالمعلولية. - بل الذات حال ظهورها بالعلية ظاهرة فيها بالمعلولية لما هو معلول لها. فإنها في حالة واحدة متصفة بالضدين وجامعة للنقيضين، إذ لا يشغلها شأن عن شأن، فهي حال كونها باطنة ظاهرة، وحال كونها ظاهرة باطنة، واعتبار الجهات والمغايرة بينهما من خصائص العقل، وأما في الحقيقة فليس إلا الوجود المحض وتجلياته لا غير. فلا عاقل ولا معقول، ولا
(١٠٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1068 1069 1070 1071 1072 1073 1074 1075 1076 1077 1078 ... » »»