شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٨٥
متلفظا بها وقد تكون مسكوتا عنها.) وذلك لأن المحل قد يقتضى إظهارها، كالأحكام الشرعية، وقد يقتضى سترها، كالأسرار الإلهية التي سترها الحق عن الأغيار.
فالمنطوق بها: (مثل قول لقمان لابنه: (يا بنى إنها.) أي، أن (القصة) (3) ((إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله).) فهذه حكمة منطوق بها.
(وهي أن جعل الله هو الآتي بها.) أي، جعل لقمان الله آتيا بتلك الحبة.
(وقرر ذلك) الكلام. (الله تعالى في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.) (وأما الحكمة المسكوت عنها، وقد علمت) تلك الحكمة (بقرينة الحال.
فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، ولا قال لابنه: يأت بها الله إليك، ولا إلى غيرك. فأرسل الإتيان عاما) أي، جعل لقمان الموتى إليه عاما، ما عين ولا خصص بقوله: إليك، أو إلى غيرك. كما عين الآتي وهو الله، والمأتي به وهو الحبة.
(وجعل المؤتى به في السماوات إن كان) أي، إن كان ذلك فيها. (أو في الأرض.) إن كان فيها. (تنبيها لينظر الناظر في قوله: (وهو الله في السماوات و في الأرض).) أي، ليتنبه الناظر من قوله: أو في السماوات أو في الأرض. وينتقل ذهنه من هذا القول إلى قوله: (وهو الله في السماوات وفي الأرض).

(3) - قوله، عليه السلام: (يا بنى إنها...) هو ضمير (القصة). نظير ضمير الشأن المذكور. وبه صرح العارف الجامي وغيره. وبعضهم أرجع الضمير إلى (الحبة). ولا يخفى بشاعته.
(١٠٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1079 1081 1082 1083 1084 1085 1086 1087 1088 1089 1090 ... » »»