شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٦٨
المتعددة التي هي أشخاصها بنظرك الكامل، وجدت الحقيقة المرآتية مثالا للذات الغيبية الإلهية، وإذا نظرت إلى المرايا المتعددة، وجدتها أمثلة لمرآيا الأسماء المتكثرة، فتكون عقيدة الناظر في الذات من حيث هي هي ومن حيث الأسماء والصفات، كالهيولي بجميع العقائد، بخلاف أصحاب العقائد الجزئية، فإنه يقر بما يعرفه، وينكر بما يجهله.
(فأي اسم إلهي نظرت فيه نفسك) بتاء الخطاب، ونصب (نفسك) على المفعولية. (أو من نظر، فإنما يظهر للناظر) وفي بعض النسخ: (في الناظر).
(حقيقة ذلك الاسم.) أي، أي اسم إلهي شاهدت نفسك في مرآته وأدركت صورة عقيدتك، أو نفس من نظر فيها وعقيدته، فإنما يتجلى لنظر الناظر حقيقة ذلك الاسم، فتصير كالمرآة المظهرة صورة كل ناظر فيها.
أو: أي اسم إلهي نظرت - بسكون (التاء) - فيه نفسك، أو نفس من نظر فيه - ترفع (نفسك) على الفاعلية - فإنما يظهر في الناظر حقيقة ذلك الاسم بظهور لوازمه فيه.
والأول أنسب، لأنه جعل (الاسم) مرآة. وهي لا يشاهد، وإنما يشاهد الصورة فيها. كما مر مرارا من أن عين المرآة لا ترى، ولا يمكن أن يراها أحد.
(فهكذا هو الأمر، إن فهمت.) أي، الشأن الإلهي في تجلياته وفي ظهوراته كالشأن في المرآة، إن فهمت ما أشير إليك من أن الذات الأحدية غير مدركة، ولا صورة فيها من حيث هي، وهي مظهرة لجميع صور العالم (17) (فلا تجزع ولا تخف) عند احتجابك عن شهود نفسك، ولا تخف عند إقدامك بطلب شهود حقيقتك من الفناء.
(فإن الله يحب الشجاعة) وأعلى مراتب الشجاعة هو إفناء نفسه وذاته مع صفاتها وأفعالها في عين ذات الحق وصفاته وأفعاله. وإنما كانت الشجاعة محبوبة

(17) - واعلم، أن ما في الوجود من الأعيان الخارجية والعلمية في التعين الثاني، والأسماء والذوات كلها مستجنة في الذات بالوجود الاستجناني. (ج)
(١٠٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1063 1064 1065 1066 1067 1068 1069 1070 1071 1072 1073 ... » »»