(وهذا لا يكون إلا ما دام في هذه النشأة الدنياوية محجوبة عن نشأته الأخراوية في الدنيا. فإن العارفين يظهرون هنا كأنهم في الصورة الدنياوية لما يجرى عليهم من أحكامها، والله تعالى قد حولهم في بواطنهم في النشأة الأخراوية لا بد من ذلك. فهم بالصورة مجهولون إلا لمن كشف الله عن بصيرته فأدرك.) أي، وهذا الرد إلى العقل لا يكون إلا ما دام المتجلى له في هذه النشأة الدنياوية محجوبا عن نشأة الأخراوية، فإن ارتفع عنه الحجاب واطلع على ما في نشأته الأخراوية اطلاعا شهوديا، وهو في الدنيا، فحينئذ لا يبقى للعقل معه نزاع فيما أدرك من التجلي، ولا يحتاج إلى الرد إلى مقامه، ولا تحصل الحيرة. فإن العارفين المكاشفين للحقائق بالتجليات الإلهية ظاهرون في الدنيا بالصورة ويجرى عليهم أحكام ما يتعلق بموطن الدنيا، والله تعالى حول قلوبهم إلى النشأة الأخراوية. فهم بالصورة في الدنيا وبالباطن في الآخرة. ولا يعرفهم إلا من كشف الله عن بصيرته الغطاء ورفع عن عينه الحجاب. كما قال تعالى: (أوليائي تحت قبابي، لا يعرفهم غيري) (23)
(١٠٧٥)