شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٧٠
والإعدام. ويجعل لها منعة، أي حرسة تحرسها وتمنعها من طريان الهلاك والفساد عليها. وهي حقائقها وصورها التي في العوالم غير الحسية. وإذا قتلت نفسا، فإنك لا تقدر على إفناء حقيقتها، بل تقدر على إفناء صورتها الحسية. و تلك الحقيقة باقية مع صورها التي لها في جميع العوالم. وإن أراد الخالق، يعطيها أيضا صورة أخرى حسية بحيث لا تشعر، فيجعلها موجودة مرة أخرى.
(فتتخيل بالوهم إنك قتلت، وبالعقل والوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد.) أي، فتتوهم أنك قتلت، والقاتل في الحقيقة هو الله. والمقتول هو باق في العالم العقلي، وصورته موجودة في العالم المثالي. وتشاهد بالعقل المنور والوهم المدرك للمعاني الجزئية أن صورتها العقلية موجودة في الحقيقة، وما أفسدت إلا صورتها الحسية.
(والدليل على ذلك) أي، على أن القاتل هو الله، لا أنت، هو قوله تعالى:
((وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى). والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي) أي، الصورة المحمدية (التي نفى الله الرمي عنها أولا، ثم أثبته لها وسطا) بقوله: (إذ رميت). (ثم عاد بالاستدراك: أن الله هو الرامي في صورة محمدية. ولا بد من الإيمان بهذا.) (فانظر إلى هذا المؤثر) وهو الاسم (الرامي) كيف تنزل لإظهار فعله في المظاهر. (حتى أنزل الحق) هذا المعنى المذكور. (في صورة محمدية. و أخبر الحق نفسه.) بالنصب. أي، عن نفسه. ويجوز أن يكون بالرفع، فيكون تأكيدا (للحق). (عباده بذلك. فما قال أحد منا عنه ذلك، بل هو قال عن نفسه. و خبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال)، أي، أحطت بعقلك بسر ما قال وجعل نفسه راميا في صورة محمدية بعقلك (أو لم تدركه. فإما عالم) أي، فالناس إما عالم. (وإما مسلم مؤمن.) بالإيمان التقليدي.
(ومما يدلك على ضعف النظر العقلي من حيث فكره، كون العقل يحكم على العلة أنها لا تكون معلولة لمن هي) أي، العلة. (علة له. هذا حكم العقل، لا خفاء به. وما في علم التجلي إلا هذا، وهو أن العلة يكون معلولة لمن هي علة له.) (*)
(١٠٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1065 1066 1067 1068 1069 1070 1071 1072 1073 1074 1075 ... » »»