شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٦٧
وما لها أثر في الصور بوجه. فالأثر الذي لها كونها ترد الصور متغيرة الشكل من الصغر والكبر والطول والعرض، فلها أثر في المقادير، وذلك) الأثر (راجع إليها.) أي، إلى المرآة.
(فإنما كانت هذه التغيرات منها) أي، من المرآة. (لاختلاف مقادير المرآئي.) هذا تصريح بوجه التشبيه. وتقريره: أن المرآة مع أنها خالية عن الصور التي يظهر فيها لها أثر في الصور الظاهرة فيها. وذلك ردها إياها متغيرة الشكل في الصغر والكبر والطول والعرض والاستدارة وغيرها. فكل من الرائي والمرآة مؤثر من وجه ومتأثر من آخر. فكذلك للحق أثر في الصور الظاهرة في مرآة ذاته، وذلك بواسطة تجلياته الغيبية وشؤونه الذاتية. ولصور العالم أثر، وهو بواسطة تفاوت أعيانهم واختلاف استعداداتهم الموجبة لاختلاف عقائدهم.
فلا بد للعارف أن يلحق الأثر الإلهي إلى حضرته، والأثر الكوني إلى حضرته.
(فانظر في المثال مرآة واحدة) أي، حال كونه مرآة واحدة (من هذه المرائي لا ينظر الجماعة) أي، بنظرك الكامل الجامع للعقائد، لا بنظر الجماعة من المعتقدين بالاعتقادات الجزئية.
ويجوز أن تقرأ: (لا تنظر الجماعة). بتاء الخطاب. ومعناه: فانظر في مرآة واحدة، ولا تنظر في جماعة المرآيا التي هي الأسماء، فإنها تفرق خاطرك وتخرجك عن الصراط المستقيم. كما قال تعالى: (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله).
(وهو نظرك من حيث كونه ذاتا.) أي، أنظروا لشأن نظرك في الحق من حيث كونه ذاتا واحدة غنية عن العالمين.
ويجوز أن يعود الضمير إلى مصدر (فانظر). أي، وذلك النظر شهودك إياه من حيث ذاته، لا من حيث أسمائه.
(فهو) أي، الحق من حيث ذاته (غنى عن العالمين، ومن حيث الأسماء الإلهية فذلك الوقت يكون كالمرآتي.) أي، وإذا كان نظرك فيه من حيث أسمائه و صفاته، يكون كالمرآئي المتكثرة.
والخلاصة، أنك إذا نظرت إلى الحقيقة الواحدة المرآتية، لا إلى المرايا
(١٠٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1062 1063 1064 1065 1066 1067 1068 1069 1070 1071 1072 ... » »»