كلا الوجهين حقيقة في هذا الكلام، قلنا بالتشبيه في عين التنزيه، إذ هوية الحق المنزه هي التي ظهرت في صورة الرسل المشبهة، والهوية الظاهرة في الصور المشبهة هي التي كانت منزهة في المرتبة الأحدية.
(وبعد أن تقرر هذا، فنرخي الستور ونسدل (10) الحجب على عين المنتقد والمعتقد، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق.) أي، وبعد أن تقرر أن التنزيه لا يخلو عن التشبيه وبالعكس، نرخي الستور ونسدل الأغطية على عين المنتقد. وهو المحقق الذي يعلم خلاصة المعاني والحقائق، إما بالكشف والعيان أو بالنظر والبرهان، وعلى عين المعتقد المؤمن بأهل الحقائق والعرفان. (و إن كانا) أي، المنتقد والمعتقد، من بعض المظاهر التي تجلى الحق فيها.
(ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وإن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها لا بد من ذلك.) أي، أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعدادات الأعيان في المظاهر، فإن التجلي لا يقع على عين من الأعيان إلا بحسب استعداد تلك العين، فيعلم الفاضل من المفضول، ويتميز المراتب (فينسب إليه) أي، إلى الحق المتجلي، ما تعطيه حقيقة العين التي هي المجلى. (ولوازمها) أي، حقيقة أعراضها الذاتية من اللوازم الحاصلة فيها عند المتجلي، كما مر مرارا من أن المرايا لها أحكام لا تظهر إلا عند التجلي من الصغر والكبر والاستطالة والاستدارة، وأمثالها.
(مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا.) أي، رؤية الحق في النوم كما لا ينكر رؤيته في الآخرة (وأنه لا شك الحق عينه) أي، وأن المرئي هو الحق عينه بلا شك (فيتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم. ثم، بعد ذلك يعبر - أي يجاز - عنها إلى أمر آخر يقتضى التنزيه عقلا. فإن كان الذي يعبرها ذا كشف