مرحوما بالرحمة الرحيمية. فإيجاد الرحمة فيه وإعطاء هذه الصفة له بعد الوجود والوصول إلى الكمال، إنما هو ليكون العبد موصوفا بصفة ربه، فيكون راحما بعد أن كان مرحوما. وإنما كان كذلك، لأن الصفات الفعلية إذا ظهرت فيمن ظهرت تقتضي ظهور الفعل منه. ألا ترى أن الحق إذا أعطى لعبده صفة القدرة وتجلى بها له، كيف تصدر منه خوارق العادات وأنواع المعجزات والكرامات. والرحمة مبدأ جملة الصفات الفعلية، إذ بها توجد أعيانها. فنسأل الله تعالى أن يرحمنا بالرحمة التامة الخاصة والعامة.
(وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه. وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة.) أي، الحق سبحانه هو الذي يرحم جميع الأسماء والصفات والأعيان والأكوان، فهو الراحم، وليس محلا للحوادث، ليكون له صفة زائدة عليه حادثة بالذات، فرحمته عين ذاته غير زائدة عليها (11) وبها رحم الرحمة الصفاتية فأوجدها والعين