أن يقول: يا منتقم ارحمني. فما تعم الرحمة وإن كان الاسم المدعو من الأسماء الجامعة، كالاسم (الله) و (الرحمن) و (الرب). أي، ليس المطلوب بالرحمة من جميع الأسماء معنى عاما شاملا للكل، بل معنى خاصا. فإنك إذا قلت: يا رب ارحمني. تريد أن يجعلك موصوفا بالكمالات. وإذا قلت: يا منتقم ارحمني. تريد أن يخفف عنك العذاب.
(وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة، فيدعو بها في الرحمة) أي، فيدعو الداعي بتلك الأسماء في طلب الرحمة.
(من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير،) (ذلك) إشارة إلى قوله: (فما تعم). أي، فما تعم الرحمة. لأن الأسماء تدل على الذات وتدل بحقائقها. أي، بما تتميز به عن غيرها على المعاني المختلفة، فدعاء الداعي بتلك الأسماء في طلب الرحمة، إنما هو من حيث إنها تدل على الذات المسماة بها لا غير. أي، نظر الداعي في دعائه إنما هو إلى الذات المسماة بالأسماء فقط، أي اسم كان.
(لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.) أي، لا بالخصوصيات المتكثرة المتميزة بعضها عن بعض.
(فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات.) أي، فإن الاسم الخاص لا يتميز عن غيره من حيث إنه يدل على الذات الواحدة وهو عنده، أي ذلك الاسم الخاص عند السائل، دليل بالذات، وليس نظره إلا إلى الذات، فإنها قبلة الحاجات، وإن كان المسؤول لا يصدر من الذات إلا على يدي الاسم الخاص من حيث خصوصيته.
(وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه، بأي لفظ كان، حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها.) أي، وإنما يتميز الاسم الخاص بنفسه عن غيره لذاته، إذ الحقيقة المصطلحة عليها بالألفاظ، أي لفظ كان، متميزة بذاتها عن غيرها.
ألا ترى أن (العليم) متميز عن (القادر) بعين العلم، و (القادر) متميز عنه بعين القدرة، والكل في الدلالة على الذات الإلهية غير متميزة. وإليه أشار بقوله: