شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٢٩
(فاعلم أولا، أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة، فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم، إن الرحمة لها الأثر بوجهين: أثر بالذات) وهو أثر الرحمة الرحمانية العامة المتعلقة بإيجاد كل الأعيان مطلقا. وإليه أشار بقوله: (وهو إيجادها كل عين موجودة. ولا تنظر) الرحمة. (إلى غرض ولا إلى عدم غرض ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم، فإنها ناظرة إلى عين كل موجود قبل وجوده.) (قبل) على صيغة الماضي. أي تنظر الرحمة في كل عين حال كونها قابلة للوجود. (بل تنظره في عين ثبوته.) فاعل (تنظره) ضمير (الرحمة). وضمير المفعول عائد إلى (كل عين). لذلك ذكره تغليبا للفظ (الكل). أو باعتبار الشئ. أي، بل ناظرة فيها، أي في عين كل موجود منهما، حال ثبوتها في العدم.
(ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة، فرحمته بنفسها بالإيجاد.) (الحق المخلوق) هو تجلى الحق سبحانه على حسب اعتقاد المعتقدين فيه. وإنما سمى (مخلوقا) لأنه مجعول متكثر، وكل مجعول مخلوق. و يسمى (حقا)، لأنه حق في اعتقاد المعتقد. ومجلى الحق في نفس الأمر. ومعناه:
ولكون الرحمة تنظر في الأعيان حال ثبوتها في العدم فترحم عليها، شاهدت أعيان الموجودات ورأت عين الحق المخلوق ثابتة في اعتقاد كل عين في جملة العيون الثابتة. (فرحمته بنفسها). أي، فرحمت الرحمة الحق المخلوق بنفس الرحمة الذاتية، فأوجدته.
(ولذلك قلنا: إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شئ مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلقها بإيجاد المرحومين.) أي، ولأجل أن الحق المخلوق بحسب الاعتقادات أول شئ مرحوم بعد تعلق الرحمة الذاتية بنفسها بالإيجاد، قلنا من قبل: إن أول ما وسعت الرحمة الذاتية شيئية تلك العين الموجدة للرحمة الصفاتية، وهي عين الاسم (الرحمن). ولما كان (الرحمن) هو الذي يتجلى بحسب اعتقاد المعتقدين، ويصير حقا مخلوقا فيدخل في جملة ما يتعلق الرحمة بإيجاده من الأعيان المرحومة، جعله مقول القول بحسب المعنى.
(ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم. و
(١٠٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1024 1025 1026 1027 1028 1029 1030 1031 1032 1033 1034 ... » »»