شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٦٣
وراء الحجاب، فإذا ظهر من يكون عالما بنفس الأمر مكشوفا بالحقائق، غير ما ليس في نفس الأمر كذلك. وأما في المشروع المنصوص عليه، فلا يدخل فيه الاجتهاد ولا التغيير أصلا. لأنه في نفس الأمر كذلك.
(فقد يظهر من الخليفة) الآخذ من الله الحكم. (ما يخالف حديثا ما في الحكم، فيتخيل أنه من الاجتهاد، وليس كذلك. وإنما هذا الإمام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي، صلى الله عليه وسلم) لعله بطريق الكشف ما قال النبي، صلى الله عليه وسلم (ولو ثبت لحكم به، وإن كان الطريق (15) فيه العدل عن العدل، فما هو) أي، فليس ذلك العدل. (معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى. فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى، عليه السلام، فإنه إذا نزل، يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيتبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه النبي، صلى الله عليه وسلم.) أي، يبين صورة الحكم المشروع برفعه كثيرا من شرائع الاجتهاد. فالحق هنا مقابل الباطل.
(ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة، فيعلم قطعا أنه لو نزل وحى، لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي. وما عداه وإن قرره الحق، فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.) كما قال تعالى:
(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). وقال رسول الله، صلى الله عليه و سلم: (بعثت بالحنيفية السهلة السمحة). فتقريره لرفع الحرج إلى أن يبين الله أحكامه. والحاصل، أن الولي الآخذ من الله لا يرفع ما نص الرسول عليه من الأحكام، بل يرفع الأحكام الاجتهادية التي اختلفت (16) فيها، ويحكم بما عليه الأمر في نفسه وعند الله، فيرتفع الخلاف.
(وأما قوله، صلى الله عليه وسلم: (إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الأخير منهما).
فهذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف. وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما، بخلاف

(15) - أي، طريق الآحاد. (ج) (16) - اختلفت.
(٩٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 955 955 960 961 962 963 964 965 966 967 968 ... » »»