شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٥٤
في الحكم، كعيسى، عليه السلام، إذا نزل فحكم.) بما حكم به رسول الله، صلى الله عليه وسلم. (وكالنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، في قوله تعالى: ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده.) أمر نبينا، عليه السلام، باتباع هدى الذين سبقوا عليه من الأنبياء والرسل. لا باتباعهم، بل باتباع هداهم (1 - 7)، ليكون آخذا من الله، كما أخذوا منه. فكذلك من له التأسي به في جميع أحواله، يأخذ الحكم من الله تأسيا برسل الله، صلوات الله عليهم أجمعين، مع أنه في الظاهر متبع له وتحت حكمه.
(وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ، مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي، صلى الله عليه وسلم، من شرع من تقدم من الرسل، بكونه قرره.) (هو) مبتدأ، خبره (مختص)، (موافق) خبر ثان. قوله: (هو فيه) مبتدأ آخر بمنزلة خبره. ومعناه: هذا الولي الآخذ من الله، عين الحكم الذي قرره الرسول الشارع، مختص بالإختصاص الإلهي في حق ما يعرفه من صورة الأخذ، أي مخصوص بهذا المعنى، موافق لشريعة الرسول المشرع في ذلك الحكم. (هو فيه)

(1 - 7) - نعوذ بالله من شرور أنفسنا قد يجب أن يعلم أن ما أمر نبينا باتباعه إنما هو من الأصول والأركان، لا الفروع من الأحكام، لأن شريعته ناسخ لجميع الشرائع الإلهية. وأنه لا يجوز على نبينا الأمر بشئ من الأحكام إلا من نواحي التلقي عن الوحي. وهو، صلى الله عليه وآله، من جهة السير في الأسماء والأعيان وإحاطته بأسرار الوجود وعلمه بالأحكام الفرعية التي نزلت على الأنبياء، لا يعمل بها، وإذا سأل سائل عن حكم شرعي، كان ينتظر الوحي، مع أنه كان على بصيرة من ربه وقد أحاط بكل شئ علما. ومنها الأحكام الفرعية النازلة على الأنبياء لعلمه بوجود أسماء مستأثرة في مقام الغيب، لم يظهر أحكامها ولا علم له، عليه السلام، بخواص هذه الأسماء. ولذا نزل على قلبه: (لا أدرى ما يفعل بي وبكم). وبالجملة، لمكان نسخ جميع الشرائع الإلهية بشريعة خاتم الرسل، لا يجوز للنبي، صلوات الله عليه، العمل بأحكام شريعة من سبقه زمانا. وما أمر نبينا، عليه السلام، باتباع هدى الذين سبقوا عليه من الأنبياء والرسل لم يكن من مقولة الفروع، بل الأصول المتفقة عليها لجميع الشرائع الإلهية. (ج)
(٩٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 949 950 951 952 953 954 955 955 960 961 962 ... » »»