شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٥٢
عن الله تعالى، فقال: (فاحكم بين الناس بالحق). وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة، فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم. وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.) أي، اختص داود، عليه السلام، بالخلافة في الحكم، ليحكم على العالمين بالحق. وليست هذه الخلافة إلا عن الله، فإن الله هو الحاكم على عباده لا غيره. وخلافة آدم وإن كانت أيضا واقعة من الله، لكن لما لم يكن منصوصا عليه بالخلافة من الله في الحكم، يمكن أن يتوهم متوهم أنه خليفة ممن سبقه من الملائكة أو غيرها.
(وانه) وفي بعض النسخ عوض (وإنه): (ولله في الأرض) (5) (خلائف عن الله هم الرسل. وأما الخلافة اليوم فعن الرسل لا عن الله.) الضمير للشأن. أي، والشأن أنه في الأرض خلفاء عن الله ظاهرا وباطنا. أما ظاهرا، فهم الرسل ومتابعوهم من العلماء بالشرائع والأحكام الإلهية، كالأئمة والمجتهدين في الأمة المحمدية (6) وأما باطنا، فكالكمل والأقطاب، وسنذكره.
(فإنهم لا يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول، لا يخرجون عن ذلك. غير أن هاهنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول.) الدقيقة هي أن الأولياء الكمل لغاية صفاء بواطنهم وظهور الحق و

(5) - أي، في بعض النسخ لا تكون لفظة (وأنه). وفي بعض آخر (أنه) بدل (وأنه). (ج) (6) - قول الشارح: (ومتابعوهم من العلماء...) ليس شرحا مطابقا للمتن. بل قوله في المتن:
(وأما الخلافة اليوم فعن الرسل لا عن الله) وكذا ما سيأتي من قوله: (فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه). إذ بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه يخالفه، كما لا يخفى. وأيضا، إذا عد العلماء بالشرائع والكمل والأقطاب كلهم خلائف عن الرسول، على حد تقرير الشارح، لم يبق للخلافة عن الرسل مصداق وموضوع. يظهر بالتأمل. ثم أقول: والتحقيق أن خليفة الرسول يجب أن يكون خليفة الله بالنص منه، تبارك وتعالى عليه، ويجب أن تكون هو قطب الأقطاب، لا القطب الجزئي، ليأخذ الحكم من معدن أخذ الرسول، فإن الخليفة في حكم المستخلف عنه فيما يتعلق بالخلافة. (ج)
(٩٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 947 948 949 950 951 952 953 954 955 955 960 ... » »»