معه التسبيح، فكانت تسبح بتسبيحه لتكون له ذلك التسبيح أيضا. وكذلك تسخير الطير لتسبح معه ليكون تسبيحه معه أيضا تسبيحا له. وأعطاه القوة ونعته بها بقوله: (واذكر عبدنا داود ذا الأيد أنه أواب وأعطاه الحكمة). بأن جعله عالما بالحقائق، عارفا بالله ومراتبه وأسمائه، عاملا بمقتضى علمه، وجعله (فصل الخطاب). أي، واسطة بين الله وعباده. كما قال: (ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب). فعينه ذلك الحجاب الذي يتجلى الحق من ورائه على العباد.
واعلم، أن روحه، عليه السلام، لما توجه بكليته إلى الحضرة الإلهية بالتسبيح والتحميد، انعكس منه النور الإلهي الفائض عليه إلى قواه وأعضائه، فسبحت تسبيح الروح بالمتابعة، غير التسبيح المخصوص بكل منها، (3) فكان كل ذلك للروح أصالة ولغيرها تبعية.
ولما كانت الجبال الظاهرة والطير المحشورة مثالا للأعضاء والقوى الروحانية والجسمانية - وصورا ظاهرة في الخارج لهذه الحقائق التي في العالم الإنساني وكانت الأعضاء والقوى يسبحن معه بالعشي والإشراق - حصل ذلك التأثير الروحاني أيضا في روحانية الجبال والطيور، فيسبحن ذلك التسبيح بعينه، فكان ذلك التسبيح له (ع) بالأصالة، ولهن بالتبعية، كما قال الشاعر:
فلو قيل مبكاها بكيت صبابة * بسعدى شفيت النفس قبل التندم ولكن بكت قبلي فهيج لي البكاء * بكاها، فقلت: الفضل للمتقدم (ثم، المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله تعالى بها، التنصيص على خلافته، ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه، وإن كان فيهم خلفاء. فقال: (يا