شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٤٠
ويحاسب به، إذا أراد الحق في الآخرة.) وهذا الاقتضاء إذا كان الطلب من العبد نفسه. أما إذا كان الطلب أيضا بأمر الله، فلا يكون كذلك.
(فقال الله له:) أي لسليمان. ((هذا عطاؤنا). ولم يقل: لك ولا لغيرك.
(فامنن) أي، أعط. (أو أمسك بغير حساب).) أي، هذا إعطاؤنا، لا يحاسب عليك في الآخرة.
(فعلمنا، من ذوق الطريق، أن سؤاله، صلى الله عليه وسلم، ذلك كان عن أمر ربه. والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي، كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه، وإن شاء أمسك. فإن العبد قد وفى ما أوجب الله تعالى عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه، من غير أمر ربه له بذلك، لحاسبه به. وهذا) أي، وهذا الحكم. (سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد، صلى الله عليه وسلم: (رب زدني علما). فامتثل أمر ربه، فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن) أي، في نومه. (يتأوله علما، كما تأول رؤياه، لما رأى في النوم أنه أوتى بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب (27) قالوا: فما أولته؟ قال: (العلم). وكذلك لما أسرى به، أتاه الملك بإناء

(27) - واعلم، أنه قد نقل في كتب الفريقين من رسول الله، صلى الله على وآله وسلم: (أنا مدينة العلم وعلى بابها). وهذا الحديث يدل على أفضلية على، عليه السلام، على جميع الصحابة. ولا شك أن باب مدينة علم النبي، أي العلم الذي حصل من طريق الوراثة لا الدراسة، علم لدني، أفاض الله تعالى على أقرب الناس إلى رسول الله. و إن الله لا يتجلى في النفس الولوية بالاسم الأعظم (العليم) إلا أن تكون النفس الكلية العلوية كالمرآة المجلوة الصافية منزهة عن جميع ما يكدر النفس وكان معصوما. ولذا قال الشيخ، في الفتوحات، إن الله قد شرك أهل البيت مع النبي في الكريمة المباركة:
(٩٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 935 936 937 938 939 940 941 942 943 945 946 ... » »»