شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٤٨
تأخر. فلما قيل له في ذلك، قال: (أفلا أكون عبدا شكورا). وقال في نوح: (إنه كان عبدا شكورا). والشكور من عباد الله قليل. فأول نعمة أنعم الله بها على داود، عليه السلام، أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال.) أي، ليس فيه حرف يتصل بما بعده واتصال ما قبله من الحروف به. واتصال ما قبله في غير هذا الاسم، لا يوجب كونه من حروف الاتصال مطلقا (1) (فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي (الدال) و (الألف) و (الواو)) (إخبارا) منصوب بفعل مقدر. تقديره: أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، وجعله إخبارا لنا عنه. أو، فأخبر ذلك الاسم إخبارا لنا. أو حال من (الاسم). أو من ضمير الفاعل في (قطعه)، أي مخبرا.
ولما كان بين الاسم والمسمى عند أهل الحقيقة مناسبة جامعة، أشار بأن كون اسمه من حروف منقطعة بعضها عن البعض في الوجود الكتابي، إشارة من الله وإخبار لنا أنه تعالى قطعه عن العالم، إذ الحروف متكثرة، والكثرة للعالم، كما أن الوحدة للحق. فانقطاع بعضها عن البعض يوجب اتصال كل منها إلى نفسه وحقيقته التي هو بها هو، فالمنقطع عن العالم والكثرة، واصل إلى حقيقته الواحدة، وهو الحق. لذلك قيل: (الاستيناس بالناس يوجب الإفلاس).
(وسمى الله محمدا بحروف الاتصال والانفصال، (2) فوصله به) أي،

(1) - قوله: (واتصال بما قبله من الحروف...). فإن الاتصال بما قبله هو الاتصال بالحقيقة الغيبية التي كل دابة متصلة بها: (وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها). أو الاتصال بالحق بمقامه الأسمائي، وهو كمال العبد، ويوجب الانقطاع عما بعده. ولو لا الانقطاع عما بعده من الحروف، لم يتصل بما قبله. وأما المقام المحمدي، فهو مقام البرزخية الكبرى والجامعة للوحدة والكثرة والحق والخلق، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن. واسمه المحمدي ملكي، ولهذا يكون حروف الاتصال فيه أكثر. واسمه الأحمدي ملكوتي، ولهذا اختف بحروف الانفصال. وفي كون حرف الاتصال آخر اسمه المحمدي سر، بل أسرار. (الامام الخميني مد ظله) (2) - ينقسم الحروف، بحسب الكتب، إلى الانفصال والاتصال. فستته منها حروف انفصال وهي (ا)، (د)، (ذ)، (ر)، (ز)، (و). والباقية حروف الاتصال. والمنفصلة هي التي لا تتصل بما بعدها، وإن اتصلت بما قبلها واتصلت ما قبلها بها. والمتصلة هي التي يتصل بما بعدها. وإذا عرفت ذلك، قوله: (فقطعه...) أي، أخبره كشفا أنه قطعه عن العالم من حيث كونه غيرا وسوى، أخبرنا إيماء ورمزا بهذا الاسم، لظهور معنى القطع فيه، فإن الألقاب تنزل من السماء. وفي بعض الحواشي تفطن بهذه النكتة في الأعلام. وفيها إشارة إلى ما استفهم من حكماء الهند يستعملوه علمائهم في التفأل والتطير بالأسامي. (من أستاذ الأساتيذ، ميرزا محمد رضا، مد ظله)
(٩٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 942 943 945 946 947 948 949 950 951 952 953 ... » »»