حكمهما. وإما المؤاخذة بذلك الخلاف، ليظهر حكم الاسم (المنتقم) و (القهار) وكمالهما. وعلى التقديرين، يكون المخالف منقادا لربه الحاكم عليه من العفو والغفور والمنتقم والقهار من حيث الباطن، وإن كان مخالفا لحكم مقام الجمع الإلهي حين خالف دين الله، أو لحكم ذلك المشرع (7) من حيث الظاهر. فصح انقياد الحق إلى عبده لأفعاله وما يقتضيه حاله بإعطاء ما يطلب منه بحسب عينه الثابتة. (فالحال هو المؤثر). أي، إذا كان الحق منقادا للعبد بحسب اقتضاء حاله ذلك والانقياد لا يكون إلا بالتأثر، فالحال هو المؤثر.
(فمن هنا كان (الدين) جزءا، أي، معاوضة بما يسر أو بما لا يسر). أي، لما كان العبد منقادا للحق والحق منقادا للعبد، كان لكل منهما فعل يقابل فعل الآخر، وهو الجزاء الواجب من الطرفين، فحصل في الدين الذي هو الانقياد عين المجازاة، فكان الدين جزاء. أي، معاوضة بما يسر العبد عند الموافقة ظاهرا و باطنا، وهو إعطاء الجنة والثواب والعفو والتجاوز عن ذنوبهم عند المخالفة، وبما لا يسر العبد عند المؤاخذة بالمخالفة الظاهرة من العبد.
(فبما يسر: (رضى الله عنهم ورضوا عنه). هذا جزاء بما يسر. (ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا). أليما. هذا جزاء بما لا يسر. (ونتجاوز عن سيئاتهم). هذا جزاء) أي، إذا جازى الحق عبيده بما يسره العبيد، فرضي الله عنهم ورضوا عنه، أي، العبيد عنه، حيث جازاهم بما يلائم طبائعهم. وإذا جازاهم بما لا يسر هم بالمخالفة، كقوله تعالى: (ومن يظلم منكم نذقه عذابا أليما). فقد جازاهم بما اقتضى حالهم، وإن لم يلائم طباعهم. وإذا جازاهم بالتجاوز، فقد جازاهم أيضا بما رضوا عنه.
(فصح أن الدين هو الجزاء). أي، فثبت أن (الجزاء) مفهوم (الدين).
(وكما أن الدين هو الإسلام والإسلام هو عين الانقياد، فقد انقاد إلى ما يسر، و إلى ما لا يسر، وهو الجزاء) إرتباط بين المفهومين (الانقياد) و (الجزاء). (هذا