أي، ولأجل أن كل حال يعقبه حال آخر، هو جزاء، سمى الدين الذي هو الجزاء بالعادة، أو فسر بها. (لأنه) الضمير للشأن. أي، لأن الشأن عاد إليه ما يقتضيه و يطلبه حاله من الجزاء. ثم استشهد بقول الشاعر في استعمال (الدين) وإرادة (العادة).
(ومعقول العادة أن يعود الأمر بعينه إلى حاله. وهذا ليس ثمة، فإن العادة تكرار).
أي، المفهوم من (العادة) عقلا أن يعود الأمر إلى حاله كما كان. وهذا المعنى ليس موجودا في الجزاء. فإن العادة تقتضي التكرار، ولا تكرار في الوجود. و كيف في الجزاء؟ بل حال يعقب الحال الأولى بحسب ما يقتضيه الأول.
(لكن العادة حقيقة واحدة معقولة، والتشابه في الصور موجود. فنحن نعلم أن زيدا عين عمرو في الإنسانية، وما عادت الإنسانية، إذ لو عادت، لتكثرت، وهي حقيقة واحدة، والواحد لا يتكثر في نفسه. ونعلم أن زيدا ليس عين عمرو في الشخصية، فشخص زيد ليس شخص عمرو، ومع تحقق وجود الشخصية بما هي شخصية في الاثنين، فنقول في الحس عادت لهذا الشبه، ونقول في الحكم الصحيح لم تعد). استدراك من قوله: (وهذا ليس ثمة). والغرض بيان أن العود من أي وجه يتحقق، من أي وجه لا يتحقق. وذلك لأن العادة حقيقة معقولة، وهي عود الشئ إلى ما كان عليه أولا. والحقيقة لا يتكثر في نفسها، كما أن الإنسانية لا يتكثر بتكثر أشخاصها، بل المتكثر صور تلك الحقيقة، وصور الأشخاص أمثال، فالمثلية متحققة بين الأشخاص. فالحقيقة المعقولة من العادة أيضا لها أفراد متكثرة، وهي تكرر الأحوال، فمن حيث إن هذا الحال الثاني مثل الحال الأول في الحس، يطلق عليه العادة. ومن حيث إن تلك الحال ليس عين الأول بل مغائر له، لا تطلق العادة عليه.
(فما ثمة عبادة بوجه، وثمة عادة بوجه، كما أن ثمة جزاء بوجه، وما ثمة جزاء بوجه، فإن الجزاء أيضا حال في الممكن من أحوال الممكن. وهذه مسألة أغفلها علماء هذا الشأن، أي، أغفلوا إيضاحها على ما ينبغي، لا أنهم جهلوها. فإنها من سر القدر المتحكم في الخلائق). لما كان العود مرتبا على الجزاء، أراد أن يؤكد ما ذكر من