سعدت إلا بما حصل منك، وهو الانقياد للشرع. (فكما أثبت السعادة لك ما كان فعلك، كذلك ما أثبت) أي ما أظهر.
(الأسماء الإلهية إلا أفعاله). أي، كما أثبت سعادتك فعلك وهو الانقياد للشرع، كذلك ما أثبت - أي ما أظهر - الأسماء الإلهية التي هي كمالات الذات، إلا أفعاله.
ولا ينبغي أن يتوهم أن الأفعال سبب الأسماء لأن الأسماء علل للأفعال و مباديها، لكن لما كانت الأسماء حقائق إلهية مخفية عن العالمين - فظهورها لا يحصل إلا بالآثار والأفعال كما لم تظهر سعادة العبد وشقاوته إلا بأفعاله لأنها معرفات لها - أسند (رض) الإثبات بالأفعال، إذ لو لم يظهر من الحق تعالى لطف ما، ورحمة، ما كان يظهر لنا أنه لطيف رحيم، ولا كان يوصف بهما. (وهي أنت وهي المحدثات). الضمير الأولى عائد إلى (الأسماء)، والثاني إلى (الأفعال). أي، تلك الأسماء الإلهية عبارة عن الأعيان الثابتة.
فقوله: (أنت) خطاب لعين كل واحد من الموجودات، كما مر في قول سهل (رض): أن للربوبية سرا وهو (أنت). يخاطب كل عين، أو خطاب للحقيقة الجامعة الإنسانية لإحاطتها جميع الأسماء وحقائق العالم. أي، و تلك الأسماء باعتبار الكل المجموعي عينك، والأفعال الصادرة عنها هي الحوادث.
واعلم، أنا بينا في فصل الأعيان أن الأسماء لها صور علمية. وتلك الصور هي الحقائق والأعيان الثابتة، وهي تارة عين الأسماء بحكم اتحاد الظاهر والمظهر، وتارة غيرها، لذلك قال: (وهي أنت). أي، تلك الأسماء عينك وحقيقتك باعتبار الأول.
(فبآثاره يسمى إلها وبآثارك سميت سعيدا). أي، الحق بآثاره، و هي المألوه، يسمى إلها، كما أن الرب بالمربوب سمى ربا، والإنسان بالآثار المرضية يسمى سعيدا، وغير المرضية يسمى شقيا.
(فأنزلك الله تعالى منزلته إذا أقمت الدين وانقدت إلى ما شرعه لك). أي،