شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٧٧
تحقق العود وعدم تحققه بتشبيهه بإثبات الجزاء وعدم إثبات الجزاء. وأما كون الجزاء ثابتا في نفس الأمر من حيث استلزام الحال الأول للثاني، فلا شك فيه. وأما كونه حالة أخرى برأسها لعين الممكن متعينة بتجلي آخر، فلا شك أيضا فيه. فما ثمة جزاء وثمة جزاء، وما ثمة عادة وثمة عادة. والباقي ظاهر.
(واعلم، أنه كما يقال في الطبيب إنه خادم الطبيعة، كذلك يقال في الرسل والورثة إنهم خادموا الأمر الإلهي في العموم، وهم في نفس الأمر خادموا أحوال الممكنات. وخدمتهم من جملة أحوالهم التي هم عليها في حال ثبوت أعيانهم).
لما كان الكلام في بيان أحوال أعيان الممكنات التي هي من أسرار القدر وكان من جملتها أعيان الرسل والورثة، شرع في بعض أحوال أعيانهم. وهو كونهم أطباء للأمم، لأنهم يخلصون الأرواح من الأمراض الروحانية، كما يخلص الطبيب الأجسام من الأمراض الجسمانية. فقال: كما أن الطبيب خادم للطبيعة من حيث إنه يساعدها على رفع المرض، كذلك الرسل وورثتهم من الكمل خادمون للأمر الإلهي في العموم، أي مطلقا، سواء كان الأمر موافقا للإرادة أو مخالفا لها. فإنهم مبلغون للأمر، بل هم في نفس الأمر خادمون لأحوال الممكنات حيث يرشدونهم ويهدونهم ويمنعونهم مما لا ينبغي أن يكونوا عليه من الشرك والكفر والعصيان. وهذا الإرشاد والخدمة من الأنبياء والورثة مما يقتضى أعيانهم ومن جملة أحوالهم التي هم عليها في حال ثبوتهم في الحضرة العلمية دون وجودهم الخارجي.
(فانظر ما أعجب هذا قد) أي، فانظر ما أعجب أن الأشرف تكون خادما للأخس - وهو الممكنات. أو ما أعجب أن الخادم للأمر الإلهي يكون خادما للممكنات، مع عظم قدره وجلالة قربه عند الله.
(إلا أن الخادم المطلوب هنا إنما هو واقف عند مرسوم مخدومه، إما بالحال أو بالقول.
فإن الطبيب إنما يصح أن يقال فيه خادم الطبيعة، لو مشى بحكم المساعدة لها.
فإن الطبيعة قد أعطت في جسم المريض مزاجا خاصا به سمى مريضا، فلو ساعدها الطبيب خدمة، لزاد في كمية المرض بها أيضا. وإنما يردعها طلبا للصحة، والصحة
(٦٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 672 673 674 675 676 677 678 679 680 681 683 ... » »»