شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٧٤
لسان الظاهر في هذا الباب). أي، لسان تحقيق الظاهر في هذا الباب.
(وأما سره وباطنه) أي، سر هذا اللسان وباطنه. (فإنه) أي، فإن (الجزاء). (تجل في مرآة وجود الحق، فلا يعود على الممكنات من الحق إلا ما تعطيه ذواتهم في أحوالها، فإن لهم في كل حال صورة، فيختلف صورهم لاختلاف أحوالهم، فيختلف التجلي لاختلاف الحال، فيقع الأثر في العبد بحسب ما يكون، فما أعطاه الخير سواه، ولا أعطاه ضد الخير غيره، بل هو منعم ذاته ومعذبها، فلا يحمدن إلا نفسه، ولا يذمن إلا نفسه، فلله الحجة البالغة في علمه بهم إذ العلم يتبع المعلوم).
وهذا بيان لسر (القدر). وفيه توطئة لبيان المفهوم الثالث، وهو (العادة).
وقد مر مرارا أن الحق وأسماءه يظهر في مرايا الأعيان الثابتة، وقد تظهر الأعيان في مرآة وجود الحق، وقد يكون كل منهما مرآة للآخر دفعة. وهذا القول إشارة إلى الثاني. وتقريره: أن (الجزاء) هو عبارة عن تجلى الحق في مرآة وجوده بحسب الأعيان الممكنة من اسمه (الديان)، فالتكليف بالانقياد والجزاء إنما هو باقتضاء الأعيان له، فهم المكلفون للحق، على أن الحق يكلفهم بما هم عليه من الأحوال ويجازيهم بها. فلا يعود على الممكنات من الحق حال الجزاء إلا ما اقتضت ذواتهم في أحوالها، فمنها ما لها وعليها لا من غيرها، ومن الحق التجلي و إعطاء الوجود لصور تلك الأحوال الذاتية التي لها، فإن لها في كل حال صورة خاصة يقتضيها تلك الأحوال، والأحوال مختلفة، فاختلفت صورها أيضا، فاختلفت التجليات الإلهية باختلاف الاستعدادات المتجلى لها وأحوالها، فالأعيان معذبة لذواتها ومنعمة لأنفسها لا غيرها. فلله الحجة البالغة عليها، لأنه يعلمها على ما هي عليها ويتجلى عليها بحسبها، فعلمه تابع لها.
(ثم السر الذي فوق هذا في مثل هذه المسألة أن الممكنات على أصلها من العدم، وليس وجود إلا وجود الحق بصور أحوال ما هي عليه الممكنات في أنفسها وأعينها.
فقد علمت من يلتذ ومن يتألم). أي، الأعيان الممكنة باقية على أصلها من العدم غير خارجة من الحضرة العلمية، كما قال فيما تقدم: والأعيان ما شمت رايحة الوجود بعد. وليس وجود في الخارج إلا وجود الحق متلبسا بصور
(٦٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 669 670 671 672 673 674 675 676 677 678 679 ... » »»