بذاته أهل ذلك المقام، لأنهم رعاياه وعمارة ذلك الملك بهم. و (الوعد) شامل للكل، إذ وعده في الحقيقة عبارة عن إيصال كل واحد منا إلى كماله المعين له أزلا.
فكما أن الجنة موعود بها، كذلك النار والأعراف موعودان بهما. والإيعاد أيضا شامل للكل، فإن أهل الجنة يدخلون الجنة بالجاذب والسائق. قال تعالى: (و جاءت كل نفس معها سائق وشهيد). والجاذب المناسبة الجامعة بينهما بواسطة الأنبياء والأولياء. والسائق الرحمن بالإيعاد والابتلاء بأنواع المصائب والمحن والبلاء. كما أن الجاذب إلى النار المناسبة الجامعة بينهما وبين أهلها، والسائق الشيطان، فعين الجحيم (موعود) لهم، لا (متوعد) بها. و (الوعيد) هو العذاب الذي يتعلق بالاسم (المنتقم). وتظهر أحكامه في خمس طوائف لا غير، لأن أهل النار إما مشرك، أو كافر، أو منافق، أو عاص من المؤمنين - وهو ينقسم بالموحد العارف الغير العامل (14) والمحجوب. وعند تسلط سلطان المنتقم عليهم، يتعذبون بنيران الجحيم، كما قال تعالى: (أحاط بهم سرادقها ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك (15) ولا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون). وقال: (إنكم ماكثون اخسئوا فيها ولا تكلمون). فلما مر عليهم السنون والأحقاب واعتادوا