أحوال الممكنات، فلا يلتذ بتجلياته إلا الحق، ولا يتألم منها سواه. ف (من) في قوله: (من العدم) للبيان، والمبين: (على أصلها).
واعلم، أن الالتذاذ والتألم من صفات الكون. فإسناد هما إلى الحق لأحد الطريقين: أحدهما، اتصافه بصفات الكون في مقام التنزل. وثانيهما، رجوع الكون وصفاته إليه. وأما باعتبار الأحدية، فالكل مستهلك فيها، فلا التذاذ ولا تألم.
وإنما جعل هذا السر فوق سر (القدر)، لأنه من لسان الأحدية المستعلية على الكثرة وألسنتها.
(وما يعقب كل حال من الأحوال) عطف على (من). أي، فقد علمت من الملتذ ومن المتألم وما الذي يعقب كل حال من الأحوال. أي، كما أن الحق هو الملتذ من التجليات وهو المتألم بها، فالأحوال التي يعقب حالا بعد حال هي أيضا تجلياته لا غيره.
و (كل) منصوب على أنه مفعول، وفاعله ضمير يرجع إلى (ما).
(وبه يسمى عقوبة وعقابا). أي، وبكونه يعقب حالا بعد حال سمى الجزاء عقوبة وعقابا. فالعقوبة مأخوذة من (العقب).
(وهو سائغ في الخير والشر، غير أن العرف سماه في الخير ثوابا وفي الشر عقابا). أي، العقاب جائز أن يستعمل في الخير والشر بحسب أصل اللغة، إلا أن العرف الشرعي خصص الخير بالثواب والشر بالعقاب.
(ولهذا سمى أو شرح الدين ب (العادة) لأنه عاد عليه ما يقتضيه ويطلبه حاله.
فالدين (العادة) (8) وقال الشاعر: كدينك من أم الحويرث قبلها. أي، عادتك).