شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩١
أمثال ذلك. والانسان الكامل كتاب جامع لهذه الكتب المذكورة لأنه نسخة العالم الكبير. قال العارف الرباني على بن أبى طالب، كرم الله وجهه:
دوائك فيك وما تشعر * ودائك منك وما تبصر وتزعم انك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر فأنت الكتاب المبين الذي * بأحرفه يظهر المضمر وقال الشيخ رضى الله عنه:
انا القرآن (8) والسبع المثاني (9) * وروح الروح (10) لا روح الأواني فؤادي عند مشهودي مقيم * يشاهده وعندكم لساني (11) فمن حيث روحه وعقله كتاب عقلي مسمى بأم الكتاب، ومن حيث قلبه كتاب اللوح المحفوظ، ومن حيث نفسه كتاب المحو والاثبات. فهي الصحف المكرمة المرفوعة المطهرة التي لا يمسها ولا يدرك اسرارها ومعانيها الا المطهرون من الحجب الظلمانية. وما ذكر من الكتب انما هي أصول الكتب الإلهية واما فروعها، فكل ما في الوجود من العقل والنفس والقوى الروحانية والجسمانية وغيرها لأنها مما ينتقش فيها احكام الموجودات، اما كلها أو بعضها، سواء كان مجملا أو مفصلا، وأقل ذلك انتقاش احكام عينها فقط، والله اعلم (12).
تنبيه آخر لا بد ان يعرف ان نسبة العقل الأول إلى العالم الكبير وحقايقه بعينها نسبة الروح الانساني إلى البدن وقواه (13)، وان النفس الكلية قلب العالم الكبير كما ان الناطقة قلب الانسان. لذلك يسمى العالم بالانسان الكبير (14).
ولا يتوهم ان الصور التي يشتمل العقل الأول اجمالا أو النفس الكلية تفصيلا عليها غير حقايقها بان يفيض من الحق سبحانه عليهما صورا منفكة عن حقايقها بل إفاضة تلك الصور عليهما عبارة عن ايجاد تلك الحقايق فيهما. وكل ما

(8) - إشارة إلى الجهة الجمعية للانسان الكامل وهي حقيقة التعين الأول، فافهم. (غلامعلى) (9) - دون السبع الصفات النفسية التي هي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام، وهي منقسمة بين الحق وعبده، لان الوجود ينقسم بينهما فباعتبار باطنه حق و باعتبار ظاهره عبد. فكذلك الصفات النفسية للوجود وهي فاتحة الكتاب. فليتدبر.
(غلامعلى) (10) - والشيخ يقول هذا من لسان الانسان الكامل الختمي المحمدي أو العلوي، لان قلبه البالغ إلى المرتبة السرية قرآن باعتبار بلوغه إلى المرتبة الأحدية فرقان، وباعتبار مرتبة روحه هو السبع المثاني والمرتبة الواحدية فرقان، وباعتبار فنائه في الذات له قلب بالغ إلى المرتبة الخفاء، وباعتبار بقائه بعد الفناء ونيله بمقام الصحو بعد المحو والفناء عن الفنائين بالغ إلى المرتبة الأخفائية. وليعلم ان الانسان الختمي المحمدي مع انه لا واسطة بينه وبين الذات ومع انه مظهر الحيطة الأحدية وهو عليه السلام، مظهر عدة كمالاته لا شدة كمالاته وشدة كمالاته لا مظهر لها. بل ان سئلت الحق ليست في سعة المظهر الامكاني ظهور تجلى الذاتي بتمام الذات لان المظهر مع كمال حيطته دون الظاهر. (ج) (11) - هرگز وجود حاضر وغايب شنيده اى من در ميان جمع ودلم جاى ديگر است.
(12) - واعلم، ان أرباب الحروف جعلوا تمثيل التوحيد وشئونه الذاتية والأسمائية والأفعالية في الحروف، وفي كلام أرباب المعرفة ما يشعر بذلك وعبروا عن العالم بمراتبه بالكتاب المسطور والرق المنشور. والنقطة البسيطة عبارة عن الذات والألف يحصل من ظهوره الذاتي المعبر عنه بالأحدية والباء باعتبار ظهور الألف فيه وانه نفس تعين الألف عبارة عن الواحدية ولها اعتبارين: اعتبار تعلقه بالأحدية ووجهة وحدته عرى عن الكثرة، وباعتبار جهة ظهوره واضافته إلى التعينات المتكثرة مبدء لظهور الكثرات الخلقية والعقول و البرازخ والأجسام ونفوسها المجردة كتب الهية أو كتاب إلهي وفيها سور وآيات و زبر وبينات ولها أبواب وفصول وخواتم واعراب وبناء. ونعم ما قال الشيخ العارف فخر الدين العراقي: پيش از عدم ووجود عالم وزكاف وكن وكتاب مبرم. سلطان سراى عشق مى خواست اظهار حروف اسم اعظم. بر داشت به جاى خامه انگشت زد در دهن ونوشت در دم. بنوشت وبخواند وباز پوشيد از ديده هر كه نيست محرم.
(13) - فكما ان البدن الانساني وقواه من ظهورات روحه وتجلياته فكذلك العالم الكبير وقواه و هي حقايقه. 12 (14) - واما تسميته بالكبير جثته ظاهرا. 12
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 89 90 91 92 93 97 98 99 ... » »»