شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨١
وليس وجوبه بالنظر إلى الوجود الزائد الخارجي. فالوجوب هو ضرورة اقتضاء الذات عينها وتحققها في الخارج، والامتناع هو ضرورة اقتضاء الذات عدم الوجود الخارجي، والامكان عدم اقتضاء الذات الوجود والعدم. فالامكان والامتناع صفتان سلبيتان من حيث عدم اقتضاء الموصوف بهما الوجود الخارجي والوجوب صفة ثبوتية.
لا يقال، الممتنعات لا ذات لها فلا اقتضاء لها.
لأنا بينا انها قسمان: قسم فرضه العقل ولا ذات له، وقسم أمور ثابتة بل أسماء الهية. وقد تقدم في بيان الأعيان ان الوجوب يحيط بجميع الموجودات الخارجية والعلمية لأنها ما لم يجب وجودها لم توجد لا في الخارج ولا في العقل.
فانقسم الوجوب إلى الوجوب بالذات وإلى الوجوب بالغير.
واعلم، ان هذا الانقسام انما هو من حيث الامتياز بالربوبية والعبودية، و اما من حيث الوحدة الصرفة فلا وجوب بالغير بل بالذات فقط. وكل ما هو واجب بالغير فهو ممكن بالذات فقد أحاطها الامكان أيضا. وسبب اتصافها بالامكان هو الامتياز، ولولاه لكان الوجود على وجوبه الذاتي. ولما كان منشأ هذه النسب الثلاث هو الحضرة العلمية ذهب بعض الأكابر إلى ان حضرة الامكان هي حضرة العلم بعينها. وهذه المباحث العقلية التي تقدم ذكرها هنا وفي الفصول السابقة وان كان فيها ما يخالف ظاهر الحكمة النظرية، لكنها في الحقيقة روحها الظاهرة من أنوار الحضرة النبوية العالمة بمراتب الوجود ولوازمها، لذلك لا يتحاشى أهل الله عن اظهارها وان كان المتفلسفون ومقلد وهم يأبون عن أمثالها، والله هو الحق وهو يهدى السبيل.
خاتمة في التعين اعلم، ان التعين ما به امتياز الشئ عن غيره بحيث لا يشاركه فيه غيره. و هو قد يكون عين الذات كتعين الواجب الوجود الممتاز بذاته عن غيره وكتعينات
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 89 90 91 92 ... » »»