شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٨
إلى العدم وان كانت باعتبار الحقيقة والتعينات الوجودية عين الوجود. فإذا قرع سمعك من كلام العارفين: ان عين المخلوق عدم والوجود كله الله، تلق بالقبول، فإنه يقول ذلك من هذه الجهة. كما قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث كميل، رضى الله عنه: (صحو المعلوم مع محو الموهوم (58)) (59). وأمثال ذلك كثيرة في كلامهم. والمراد من قولهم: الأعيان الثابتة في العدم أو الموجودة من العدم، ليس ان العدم ظرف لها إذ العدم لا شئ محض، بل المراد انها حال كونها ثابتة في الحضرة العلمية متلبسة بالعدم الخارجي موصوفة به فكأنها كانت ثابتة في عدمها الخارجي ثم ألبسها الحق خلعة الوجود الخارجي فصارت موجودة (60)، والله اعلم.

(58) - أي، الأعيان الإمكانية من حيث تعيناتها. (غلامعلى) (59) - قال عليه السلام، في جواب الكميل (رض): (الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير إشارة). أي الحقيقة عبارة عن كشف حجب الصفات والأسماء لان سبحات وجهه يفنى الأشياء كلها في مقام تجليه تعالى بتجليات الأسمائية وأشار إلى ذكره عليه السلام، بقوله: (كمال الاخلاص نفى الصفات عنه). ومعناه العروج من الواحدية إلى الأحدية و رجوع السالك من العلم إلى العين. وقال (ع): (الحقيقة كشف الموهوم وصحو المعلوم).
أي ظهور شمس الحقيقة من مشرق الأحدية وارتفاع الكثرات العقلية عند ظهور المعشوق بصفة العشق وان العشق جنون الهي في السلوك كما قال الصادق (ع). عقل را معزول كرديم هوا را حد زديم. وقال عليه السلام: الحقيقة (هتك الستر لغلبة السر). أي السر و ان كان طالب الحقيقة ولكن العقل في هذه المرتبة والقلب في هذا المشرب ساتر للسر والمحب الحقيقي يجب ان يكون عاشقا لا عالما عارفا وإذا غلب سلطان السر، أي العشق على العقل والقلب يظهر السر ويتجلى سلطان العشق وإذا قوى سلطان العشق يرتفع الحجب النورية بين العبد المحب والحق المحبوب ويفنى المحب في المحبوب و هذا مقام الخفي الظاهر بعد السر ويجب على الولي الفاني الرجوع من الفناء إلى البقاء لتكميل الخلايق وهو مقام الفرق بعد الجمع والصحو الثاني بعد المحو الثاني وأشار إليه عليه، صلوات الله: (نور يشرق من صبح الأزل ويلوح على...) قال العارف الكامل والشيخ البارع، كمال الدين الخوارزمي، شارح الفصوص والمثنوي: تمامى كتاب مثنوى با شرحش بل كه مؤلفات اولين وآخرين از خواص رب العالمين شرح اين كلمات معجز نظام است. كسى كه رب العزه وصاف وجودش باشد همه انبيا به كمال حقيقت وصف أو نتوانند كرد مگر محمد مصطفى (ص). خود را بزرگ‍ مى كنم از وصف روى تو / نى آنكه خدمتى ز براى تو مى كنم.
(60) - لا بالتجافي عن مقامها باعتبار أنها صور الأسماء بل باعتبار تنزلها في العوالم العقلية والمثالية ومن هنا قيل، ان للأعيان برزات في العوالم العقلية والمثالية. 12
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 75 76 77 78 79 ... » »»