شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٠
الحيوانات ليس لهم ادراك كلي (17)، والجهل بالشئ لا ينافي وجوده. وامعان النظر فيما يصدر منها من العجايب يوجب ان يكون لها ادراكات كلية. وأيضا لا يمكن ادراك الجزئي بدون كليه إذ الجزئي هو الكلى مع التشخص. والله الهادي.
تنبيه آخر العرض كما انه بالذات طالب لمحل يقوم به وهو الجوهر، كذلك الجوهر أيضا طالب بذاته للعرض ليظهر به بل هو علة وجود العرض وطلبه، فحصل الارتباط بينهما من غير انفكاك. وكل منهما ينقسم بنوع من الانقسام إلى ما هو جوهر و عرض في العقل، وإلى ما هو جوهر وعرض في الخارج. الأول، كالأعيان الجوهرية والعرضية الثابتة في الحضرة العلمية والأجناس والفصول المحمولة بالمواطاة للأنواع الخارجية، والثاني، كالجواهر والاعراض الموجودة في الخارج، و لذلك عرف الجوهر بأنه ماهية لو وجدت لكانت لا في موضوع أو موجود لا في موضوع والعرض بمقابله. والتركيب بين الجوهرين أو أكثر من القسم الأول لا ينافي الحمل على ما هو موضوع لهما كالحيوان والناطق المحمولين على الانسان بمقابله.
تذنيب في الوجوب والامكان والامتناع لما ذكر الشيخ، رضى الله عنه، في الكتاب: (الوجوب بالذات وبالغير والامكان والممكن والامتناع)، احتجنا إلى بيان النسب الثلاث على هذه الطريقة. فنقول: الوجوب والامكان والامتناع من حيث انها نسب عقلية صرفة لا تحقق لها في الأعيان تحقق الاعراض في معروضاتها الخارجية، ولا وجود لها الا في الأذهان لأنها أحوال تابعة للذوات الغيبية الثابتة في الحضرة العلمية. اما بالنظر إلى وجوداتها الخارجية كالامكان للمكنات والامتناع للمتنعات، واما بالنظر إلى عين تلك الذات كالوجوب للوجود من حيث هو هو فإنه واجب بذاته.

(17) - أي، ليس لهم علم بهذا السلب.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 89 90 91 ... » »»