الآخرة بالجنة والنار، (17) وخلق آدم بيديه: وهما الصفات الجمالية التي مظاهرها في الآخرة هي الجنة، والجلالية التي مظهرها فيها النار. فطابق الآخر الأول.
(وكذلك إن يشأ، فهل يشاء؟ فهذا ما لا يكون)). أي، كما قلنا في (لو شاء) كذلك، نقول في (إن يشأ) الذي يتعلق بزمان الاستقبال. وقوله: (فهل يشاء؟) استفهام. كأن السائل يسأل بأن الحق يمكن أن يشاء هداية الجميع. فأجاب عنه بأن هذا لا يمكن أن يكون. فإن العليم الحكيم الذي يفعل كل شئ يستحيل أن يشاء وقوع ما لم يمكن وقوعه.
(فمشيئته أحدية التعلق. وهي نسبة تابعة للعلم، والعلم نسبة تابعة للمعلوم، والمعلوم أنت وأحوالك، فليس للعلم أثر في المعلوم، بل للمعلوم أثر في العالم، (18) فيعطيه من نفسه ما هو عليه في عينه). أي، للحق مشيئة واحدة عامة يتجلى بها، فيأخذ كل عين نصيبها منها بحسبها، فيظهر بمقتضاها، هداية كان أو ضلالة. كما قال: (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر). وإذا كان الواقع في الوجود أحد النقيضين باقتضاء العين ذلك، فمشيئته أيضا أحدية التعلق، لأنها نسبة تابعة للعلم. إذ ما لا يعلم بوجه من الوجوه، لا يمكن تعلق الإرادة والمشيئة به. والعلم نسبة للمعلوم من حيث تغايرهما وامتياز كل منهما عن غيره، والمعلوم الأعيان