(ومعنى (لهداكم) لبين لكم. وما كل ممكن من العالم فتح الله عين بصيرته لإدراك الأمر في نفسه على ما هو عليه، فمنهم العالم والجاهل). هذا كجواب آخر للسؤال. وتقريرة: ليس المراد من الهداية هنا الإيمان بالرسل، كما سبق على الذهن، ليرد السؤال، بل معناه: لو شاء، لبين لكم حقيقة الأمر بالكشف و رفع الحجاب عن عيون قلوبكم، لتذكروا الأمر على ما هو عليه، فتعلموا أن أعيان بعضكم اقتضت الإيمان، وأعيان بعض الآخر اقتضت الكفر، فتكون الحجة لله عليكم. ولكن ليس كل واحد من أهل العالم بحيث يمكن أن ينفتح عين قلبه ليدرك الأمر في نفسه، لأن منهم عالم ومنهم جاهل بحكم اقتضاء الأعيان ذلك. وإنما قال: (فتح الله عين بصيرته) وأسند (الفتح) إلى (الله) لأنه تعالى يفتح عين بصيرة شخص باقتضاء عين ذلك الشخص الفتح، كما يغطى على الآخر باقتضاء عينه الغطاء. وفي تفسير قوله: (لهداكم) بقوله: (لبين لكم) تنبيه على أن الهداية الحقيقية هو حصول العلم اليقيني بما هو الأمر عليه في ذاته (فما شاء، فما هداهم أجمعين، ولا يشاء) أي، فما شاء هداية الكل لعدم إعطاء بعض الأعيان الهداية، فما هداهم. ولا يشاء هداية الجميع أبدا. فإن شؤون الحق كما تقتضي الهداية، كذلك تقتضي الضلالة، بل نصف شؤونه يترتب على الضلالة، كما يترتب النصف الآخر (15) على الهداية (16) ولذلك قسم الدار
(٥٨٩)