شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٠١
فكما يتخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى شئ فيه إلا تخلله، كذلك لا بد أن يتخلل إبراهيم، عليه السلام، جميع المقامات الإلهية، المعبر عنها ب‍ (الأسماء)، عند كونه غذاء الحق بظهور الأحكام فيه. فإن الغذاء يسرى في جميع أجزاء أعضاء المغتذى. وما هنالك أجزاء، بل أسماء إلهية وصفات ربانية.
فالتخلل إنما يقع فيها.
فقوله: (فإن الغذاء)... تعليل. وقوله: (بحيث لا يبقى فيه شئ إلا تخلله) وقوله: (فتظهر بها ذاته، جل وعلا) عطف على قوله: (أن يتخلل) و فاعله (ذاته). أي، لا بد أن يتخلل إبراهيم جميع الأسماء، فتظهر ذات الحق فيها وفي مظاهرها، إذ ظهورها إنما هو بالمظاهر وهي الأعيان. وجواب (إذا) قوله:
(فلا بد أن يتخلل).
(فنحن له كما ثبتت * أدلتنا ونحن لنا) أي، فنحن له غذاء، كما نحن له مرآيا، إذ بنا قوام ظهور كمالاته وصفاته. وهو مختف فينا، كما مر من أن الغذاء ما به قوام الشئ.
(كما ثبتت أدلتنا) على صيغة الماضي. أي، كما تقررت الأدلة الكشفية من الذوق والوجدان وشهود الأمر على ما هو عليه، لذلك قال: (أدلتنا) بالإضافة إلى أنفسهم. ويجوز أن يكون مضارعا من (الإثبات). حذفت حركة التاء للشعر. (ونحن لنا). أي، غذاء لنا، باعتبار اختفاء أعياننا الثابتة و طبائعنا الكلية في صورنا الخارجية، وباعتبار قوامنا بها، لأنها حقائقنا. أو نحن ملكه وهو ربنا ومالكنا، كما تقررت الأدلة العقلية والكشفية. ونحن ملك لنا، إذ أعياننا حاكمة علينا، كما مر. وكلاهما صحيح.
(وليس له سوى كوني * فنحن له كنحن بنا) أي، وليس للحق سوى كوني، أي، إعطاء وجودي. فحذف المضاف، أو
(٦٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 596 597 598 599 600 601 602 603 605 606 607 ... » »»