شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٧٩
في الغيب على حالها. وإن كان الخلق هو الظاهر في مرآة الحق، فالحق مستور فيه و باطنه، فالحق سمع الخلق وبصره وجميع قواه الباطنة. وهذا نتيجة قرب النوافل، والأول نتيجة قرب الفرائض. وإنما جاء ب‍ (اليد) و (الرجل) الذين هما من الظاهر مع أن كلامه في الباطن، لورود الخبر الصحيح كذلك. و في الحديث تنبيه على أن الحق عين باطن العبد وعين ظاهره، لما جاء بالسمع والبصر، وهما أسماء القوى، وباليد والرجل، وهما أسماء الجوارح، فالحق عين قوى العبد وجوارحه.
(ثم، إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها) واعلم، أن (الإله) اسم الذات من حيث هي هي، (7) مع قطع النظر عن الأسماء والصفات باعتبار، واسم الذات مع جميع الأسماء والصفات باعتبار آخر. والمراد هنا الاعتبار الثاني. و (الإلهية) اسم مرتبة حضرة الأسماء والصفات التي هي النسب المتكثرة باعتبارات ووجوه تحصل للذات بالنظر إلى الأعيان الثابتة المتكثرة الثابتة في أنفسها و استعداداتها، لأن المرتبة كما يستدعى من يقوم به، كذلك يستدعى من يجرى عليه أحكامها، كالسلطنة والقضاء. فلو لم تعتبر هذه النسب، لم يبق إلا الذات الإلهية التي لا يشار إليها بوجه من الوجوه، ولا يوصف بنعت من النعوت، وهو

(٧) - قوله: (لا من حيث هي). وبهذا الاعتبار كان (الإله) مأخوذا لغة عن (وله) بمعنى تحير، لتحير العقول عن دركه، أو لتحير الكثرات والنعوت والصفات في كبرياء جلاله. كما ورد في زبور آل محمد، صلى الله عليه وآله: (ضلت فيك الصفات وتفسخت دونك النعوت...) ولم يكن بهذا الاعتبار مأخوذا من (أله) أي عبد. فإن الحق بمقامه الغيبي غير معبود، فإنه غير مشهود ولا معروف، والمعبود لا بد وأن يكون مشهودا أو معروفا. والعبادة دائما تقع في حجاب الأسماء والصفات حتى عبادة الإنسان الكامل، إلا أنه عابد اسم الله الأعظم، وغيره يعبدون سائر الأسماء، حسب درجاتهم ومقاماتهم من المشاهدات والمعارف. وقد يطلق (الإله) بفيضه المقدس الظاهر في نشأة العين، فهو أيضا من (اله) بمعنى عبد. فإن العبادة في أوائل السلوك كما كانت محجوبة بالأسماء، كانت محجوبة بالأعيان والمظاهر، وإن كانت بالحقيقة للظاهر لاتحادهما. (الامام الخميني مد ظله)
(٥٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 584 ... » »»