شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٩٤
(فتعين عليه ما تعين عليك). أي تعين الحكم منك على الحق، كما تعين عليك ذلك الحكم منه.
(فالأمر منه إليك ومنك إليه). أي فالأمر والحكم من الحق إليك، وهو فيضان الوجود عليك، ومنك إليه بإعطاء عينك أن يوجدك على ما أنت عليه في الأزل.
(غير أنك تسمى مكلفا وما كلفك إلا بما قلت له: كلفني - بحالك وبما أنت عليه. ولا يسمى مكلفا، اسم مفعول). أي، الفرق بين الحق والعبد في هذا المقام أن العبد يسمى مكلفا والحق لا يسمى مكلفا. وفي الحقيقة ما كلف العبد إلا عينه، فإنه بلسان استعداده يقول للحق: كلفني بأحوالي وبما أنا عليه، ليظهر ما في استعدادي وذاتي.
وقوله: (بحالك) متعلق بقوله: (وما كلفك). تقدير الكلام: وما كلفك بحالك إلا قولك له: كلفني بما أنا عليه في عيني.
(فيحمدني وأحمده ويعبدني فأعبده) (21) أي، يحمدني بإيجادي على صورته وتكميل نفسي وتجليه لقلبي وتخليصي من سجن الطبيعة وقيد الهوى. وأحمده بلسان الحال بإظهار كمالاته وأحكام صفاته في مرآة عيني، وبحسن القبول لتجلياته، وبلسان القال بتسبيحه وتحميده والثناء عليه.
(ويعبدني) بخلقي وإيجادي وإظهاري في مراتب الوجود الروحانية والجسمانية العلوية والسفلية، لأن الإيجاد والإظهار للشئ، من الغيب إلى الشهادة، نوع من الخدمة والعبادة.

(21) - والعبادة في الحق ليست بمعنى العبادة المأمور بها، وكان إطلاق العبادة على الحق بناء على المشاكلة، وإلا فالشيخ (رض) كما يعلم من الأدباء المتمكنين، لا المغلوبين من الشطاحين. (ج)
(٥٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 ... » »»