شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٧٨
ورد في الخبر الصحيح). لما بنى تقريره على التخلل، رجع أيضا إليه فقال: (ما تخلل شئ شيئا) أي، ما دخل شئ في شئ إلا كان الداخل مستورا في المدخول فيه. فالمتخلل الذي هو اسم الفاعل، أي الداخل، محجوب مستور في المتخلل الذي هو اسم المفعول، أي المدخول فيه، فالمدخول فيه هو الظاهر، والداخل هو الباطن، والظاهر إنما يغتذي بالباطن، لأن الفيض لا يحصل إلا منه، فالباطن غذاء الظاهر، إذ به قوامه ووجوده.
وأورد الشيخ (رض) المثال المحسوس لزيادة الإيضاح. وإذا كان الأمر كذا، ولا يخلو إما أن يكون الحق ظاهرا والخلق باطنا، أو بالعكس. فإن كان الحق ظاهرا، أي، محسوسا بتجليه في مرتبة من مراتب الاسم (الظاهر)، فالخلق مستور فيه وباطنه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق وصفاته من السمع والبصر والإرادة وغيرها، وجميع النسب التي هي ملحقة بالحق شرعا. كما مر من أن الحق إذا كان متجليا في مرايا الأعيان، لا يكون الظاهر إلا هو، والأعيان باقية
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 ... » »»