وسر أن الشيخ أورد هذه المباحث في هذا الفص، كون إبراهيم، صلوات الله عليه، طالبا للحق، مستدلا عليه بالمظاهر الكوكبية، فإنه، عليه السلام، عرف أولا أن له ربا خلقه، ثم غلب عليه العشق، فطلبه إلى أن هداه الله وتجلى له.
(وأن العالم ليس إلا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه). أي، يعطيك الكشف أيضا أن وجود العالم ليس إلا التجلي الوجودي الحقاني الظاهر في مرايا صور الأعيان الثابتة التي يستحيل وجود تلك الأعيان في الخارج بدون ذلك التجلي الوجودي، فالعالم من حيث الوجود عين الحق الظاهر في مرايا الأعيان لا غيره. (وأنه يتنوع ويتصور) - بفتح الياء، على البناء للفاعل - (بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها). أي، يعطيك الكشف أن الحق هو الذي ظهر في صور العالم وتنوع بحسب أنواع الأعيان وتصور بصور هذه الحقائق وأحوالها. فالأعيان باقية على عدمها، والمشهود هو الوجود الحق لا غير.
(وهذا بعد العلم به منا أنه إله لنا). أي، وهذا الكشف والشهود بعد العلم بالحق وذاته بأنه إله لنا بحسب أسمائه وصفاته، إذ لو لم نعلم أن لنا إلها وله تعالى أسماء وصفات يقتضى أعيانا ثابتة يكون محل سلطانها ومجلى ظهوراتها، ما كنا نعلم أن المتجلي في مرايا هذه الصور هو الحق، ولا يحصل لنا الكشف، ولا للمرتبة الإلهية الظهور أصلا.
(ثم، يأتي الكشف الآخر، فيظهر لك صورنا فيه) أي في الحق. (فيظهر بعضنا لبعض في الحق، فتعرف بعضنا بعضا، ويتميز بعضنا عن بعض).
هذا الكشف هو كشف مقام الفرق بعد الجمع، ويسمى جمع الجمع باعتبار أنه يجمع الجمع مع الفرق، وهو ظهور صور الأعيان في مرآة الحق (11) وبهذا