شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٥٨١
ألا جابري رفقا علي فإنني * أكاشف عما فيكم من سرائري فيظهر بالقلب المعنى جمالكم * كما ظهرت ليلى بقيس بن عامري (فلا يعرف حتى نعرف. قال، عليه السلام: (من عرف نفسه، فقد عرف ربه).
وهو أعلم الخلق بالله). أي فلا يعرف الحق من حيث إنه (إله) حتى نعرف، لتوقف تعقل هذه الحيثية التي هي النسبة إلى تعقل المنتسبين، كما قال، عليه السلام: (من عرف نفسه، فقد عرف ربه). أي، أوقف معرفة الرب على معرفة النفس التي هي المربوب. فإن الرب، من حيث هو رب، يقتضى المربوب، وهو، أي النبي، صلى الله عليه وسلم، أعرف الخلق بالله.
(فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم (9) وهذا غلط).
الضمير في (أنه) للشأن. و (يعرف) على البناء للمفعول. والمراد ب‍ (بعض الحكماء) أبو على وأتباعه. أي الإمام الغزالي وأبو على ومن تابعهما ادعوا أن الله يعرف من غير نظر إلى العالم. وأنهم يستدلون بالمؤثر على الأثر، وهو أعلى مرتبة من الاستدلال بالأثر على المؤثر.
وحاصل استدلالاتهم ترجع بأن الوجود الممكن لإمكانه يحتاج إلى علة موجودة غير ممكنة، وهو الحق الواجب وجوده لذاته. وهذا أيضا استدلال من الأثر إلى المؤثر، فلا يتم دعواهم. فلذلك نسبهم إلى الغلط، أو لعدم إمكان تعقل النسبة بدون المنتسبين (10)

(٩) - مراده من (بعض الحكماء) هو الشيخ الفلاسفة، الرئيس، ابن سينا. والشيخ أثبت الحق ببرهان سماه برهان الصديقين). وتبعه أبو حامد وغيره. واعلم، أن الرئيس ذكر هذا البرهان في الإشارات لإثبات الواجب. وأخذ منه أبو حامد، كما أخذ جميع عقائده في الكلام عن الحكماء، وفهم أن عقائد الحكماء ومطالبهم في المبدأ والمعاد أتم من آراء أرباب الكلام. (ج) (10) - وما أورد على هذا البرهان يدل على عدم ورود الشارح العلامة على مغزى مرام الشيخ.
ليس في الاستدلال اعتبار الإضافة، بل النظر في مفهوم الوجود واعتباره مرآة للخارج، و أن طبيعته تقتضي الوجوب الذاتي أو يلزمها. (ج)
(٥٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 576 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 ... » »»