شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٦
الجواهر بعضها محيطة بالبعض، وكما ان الأمهات من الأسماء منحصرة كذلك أجناس الجواهر وأنواعها منحصرة، وكما ان الفروع من الأسماء غير متناهية كذلك الاشخاص أيضا غير متناهية، وتسمى هذه الحقيقة في اصطلاح أهل الله بالنفس الرحماني والهيولي الكلية، وما تعين منها وصار موجودا من الموجودات بالكلمات الإلهية.
فان اعتبرت تلك الحقيقة من حيث جنسيتها التي تلحقها بالنسبة إلى الأنواع التي تحتها فيه طبيعة جنسية، وان اعتبرت من حيث فصليتها التي بها يصير الأنواع أنواعا فهي طبيعة فصلية، إذ حصة منها مع صفة معينة هي المحمولة على النوع بهو هو لا غيرها، وان اعتبرت من حيث حصصها المتساوية في افرادها الواقعة تحتها أو تحت نوع من أنواعها على سبيل التواطؤ فهي طبيعة نوعية.
فالجنسية والفصلية والنوعية من المعقولات الثانية اللاحقة إياها. فالجوهر بحسب حقيقته عين حقايق الجواهر البسيطة والمركبة، فهو حقيقة الحقايق كلها تنزل من عالم الغيب الذاتي إلى عالم الشهادة الحسية وظهر في كل من العوالم بحسب ما يليق بذلك العالم وفيه أقول: شعر حقيقة (2) ظهرت في الكون قدرتها * فأظهرت هذه الأكوان والحجبا تنكرت بعيون العالمين (3) كما * تعرفت بقلوب عرف أدبا فالخلق كلهم أستار طلعتها * والامر أجمعهم كانوا لها نقبا ما في التستر بالأكوان من عجب * بل كونها عينها مما ترى عجبا وليس انضمامه إلى المعاني الكلية أو الجزئية الا ظهوره فيها وتجليه بها تارة في مراتبه الكلية وأخرى في مراتبه الجزئية. فهو الذات الواحدة بحسب نفسه المتكثرة بظهوراته في صفاته وهي بحسب حقايقها لازمة لتلك الذات وان كانت من حيث ظهورها تتوقف على اعتدال يكون عنده بالفعل (4). فكل ما في فرده بالفعل أو بالقوة وقتا ما أو دائما من اللوازم والصفات فهو فيها غيب، إذ كل ما يظهر فهو قبل ظهوره فيه بالقوة والشدة والألم يمكن ظهوره.

(2) - المراد بها أيضا الحق تعالى، وانما أسند الظهور إلى قدرتها لان الظهور في شئ قد يكون بطريق التجافي، وافلات الظاهر عن مقامه الأول، وقد يكون لا بطريق التجافي وانما القدرة في ذلك وتنزل الحق في المراتب الأكوان ظهورها فيها بلا تجاف عن مقامه الاطلاقي ومرتبته الأحدية، الا ان له تعالى بحسب كل مرتبة اسم ففي المراتب الإمكانية لا يطلق عليه الوجوب. ومن هنا وردان أسماء الله توقيفية، أي لكل اسم من أسمائه بحسب الاطلاق موقف خاص. وبالجملة مرجع الكلام أخيرا إلى ان الجوهر هو حقيقة الحقايق، والاعراض على هذا هي التعينات كما قيل: من وتو عارض ذات وجوديم... فتأمل.
(غلامعلى) (3) - بالكسر أولى بقرينة المقابلة لقوله: (بقلوب عرف). 12 (4) - مثلا ظهور النطق الذي هو لازم لذات الجوهر ومندمج فيها متوقف على اعتدال مزاج كالمزاج الانساني. فجميع الصفات والكمالات غيب في حقيقة الجوهر بالشدة ولكن شرط بروزها اعتدال المزاج، ومن هنا يظهر سر التكاليف والاحكام الإلهية لأنها كلها معدات لحصول الاعتدال المزاجي المظهر للكمالات. (غلامعلى) حجاب روى تو هم روى تست در همه حال نهانى از همه عالم ز بسكه پيدايى. آنچه ما در مقام تنزيه يا توصيف أو مى گوييم به قدر فهم ماست. انسان بعد از آنكه به مقام حيوان بالفعل وانسان بالقوة رسيد با علوم نظريه مربوط به مبدأ ومعاد وشهود ومظاهر جلال و جمال به انضمام تكاليف شرعيه وحركت جوهريه ذاتيه به مقامى مى رسد كه مصدر افعال حق مى شود بعد از آنكه مصدر افعال خود بود، نهايت آن: (من رآنى فقد رأى الحق) و (ما رميت إذ رميت) و (يبايعون الله) است. 12
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»