شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٤
مظاهر الأسماء التي تحتها في المرتبة، والسافلة مظاهر الأسماء التي دونها في الحيطة والمرتبة. وكذلك الأنواع الحقيقية مظاهر الأسماء التي تحت حيطة الأنواع الإضافية (24)، وهي ان كانت بسيطة يكون كل منها مظهرا لاسم خاص معين، و ان كانت مركبة يكون كل منها مظهرا لاسم حاصل من اجتماع أسماء متعددة، و اشخاصها مظاهر رقايق الأسماء التي تحصل من اجتماع بعضها مع بعض ومن هذه الاجتماعات يحصل أسماء غير متناهية ومظاهر لا يتناهى. ومن هنا يعلم سر قوله، تعالى: (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر (25) قبل ان تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا). لان كلماته تعالى هي أعيان الحقايق كلها و كمالات الأسماء المشتركة مشتركة بين مظاهرها بخلاف الأسماء المختصة فان كمالاتها أيضا مختصة.
ولا بد ان يعلم ان كل ما هو موجود في الخارج، وله صفات متعددة، فهو مظهر لها كلها فان كان يظهر منه في كل حين صفة منها فهو مظهر تلك الصفة في ذلك الحين، كما ان الشخص الانساني تارة يكون مظهر الرحمة وتارة مظهر النقمة باعتبار ظهور الصفتين فيه، وان كان يظهر فيه صفة معينة أو صفات متعددة دائما فهو مظهر لها دائما بحسبها. فالعقول والنفوس المجردة من حيث انها عالمة بمباديها وما يصدر منها مظاهر للعلم الإلهي وكتب الهية، والعرش (26) مظهر الرحمان ومستواه، والكرسي (27) مظهر الرحيم (28)، والفلك السابع (29) مظهر الرزاق، والسادس مظهر العليم (30)، والخامس مظهر القهار (31)، والرابع مظهر النور والمحيي، والثالث مظهر المصور، والثاني مظهر البارئ، والأول مظهر الخالق. هذا باعتبار الصفة الغالبة على روحانية الفلك المنسوب إليه ذلك الاسم. فكلما أمعنت النظر في الموجودات وظهر لك خصايصها تعرف انها مظاهر لها، والله الموفق.
تنبيه الأعيان من حيث انها صور علمية لا توصف بأنها مجعولة (32) لأنها حينئذ

(24) - أي تحت حيطة الأسماء المربية للأنواع الإضافية. 12 (25) - المراد به اما ظاهر البحر أو بحر الهيولى.
(26) - وهو الفلك الأطلس.
(27) - الفلك الثامن.
(28) - لاختصاص كل برج منه باثر خاص.
(29) - وفيه الزحل.
(30) - لان فيه كوكب العلماء.
(31) - لان فيه المريخ.
(32) - قال كمال الدين محمد اللاري في شرح الزوراء: (ما يفهم من كلام العرفاء والصوفية ان الجعل عندهم قسمان: الأول، الجعل المتعلق بالأعيان الثابتة، والماهيات بذواتها و استعداداتها مجعولة بهذا الجعل عندهم وبه أيضا يتلبس الماهيات بالثبوت والظهور العلمي والفيض الأقدس في عرفهم عبارة عن هذا الجعل، والثاني، الجعل المتعلق بالماهيات باعتبار الثبوت العيني والمجعول بهذا الجعل عندهم ليس الا الوجود العيني وما يتبعه لان ذوات الماهيات واستعداداتها كانت مجعولة بالجعل الأول، وهذا الجعل هو المسمى بالفيض المقدس. ولو وقع في كلامهم ان الماهيات غير مجعولة أرادوا به الجعل الثاني أعني الفيض المقدس، لا مطلق الجعل إذ قد صرحوا بمجعولية الماهيات بذواتها بالجعل الأول، حينئذ لا تخالف في كلاميهما). واعلم ان الأعيان متحققة بتحقق الأسماء موجودة بوجود الأسماء وغير مجعولة بلا مجعولية ذاته المقدسة. (ج) - أقول، نسبة الأعيان إلى الأسماء كنسبة لوازم الماهية إلى الماهية. وبعبارة أخرى، كنسبة الأسماء إلى الذات، فكما ان الأسماء غير مجعولة بالنسبة إلى الذات فكذلك الأعيان، بالنسبة إلى الأسماء بل إلى الذات. وليس العلم إلى جعل الشئ عرفا وان كان يستلزم كونه العلمي بعد ما لم يكن، بل نقول ليست مجعولة بهذا المعنى أيضا كما يظهر من كلام بعضهم، فان الذات عالمة بالذات وهي عين العلم بكمالات الذات ومظاهرها وليس تأخر هذا العلم عن الذات المطلقة تأخرا زمانيا فالعلم ثابت دائما فأين الجعل. تدبر تفهم. (غلامعلى)
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 61 62 63 64 65 66 67 68 75 ... » »»