الجوهر من الجوهر والعرض لان ماله النطق هو الجوهر لا المركب كالشخص.
والفرق بين المعاني المنوعة والمشخصة بان الأولى انضمام الكلى إلى الكلى فلا يخرجه عن كليته، والثانية انضمام الجزئي بالكلي فيخرجه عنها والعرض العام ما يشمل حقيقتين فصاعدا والخاصة ما يختص بحقيقة واحدة. الأول كالمشي والاحساس، والثاني كالنطق والضحك. وما له المشي المعبر عنه بالماشي المسمى بالعرض العام، وماله الضحك المعبر عنه بالضاحك المسمى بالخاصة عند أهل النظر هو عين الحيوان والانسان في الوجود لا امر زائد عليهما خارج منهما و ان كان بحسب المفهوم أعم منهما. فما هو عرض عام بالنسبة إلى الأنواع فهو فصل منوع بالنسبة إلى الجنس الذي هذه الأنواع تحته وما هو خاصة فهو فصل للنوع وكون الناطق محمولا على الانسان بحمل المواطاة يمنع ان يقال ان الشئ الذي له النطق ماهية أخرى محمولة على الانسان لاتحاد وجودهما، لان حمل ماهية على غيرها مباينة إياها محال واتحاد الوجود لا مدخل له في الحمل إذ الحمل على الماهية لا على الوجود. ولو جاز ذلك لجاز حمل اجزاء ماهية مركبة من الاجزاء الموجودة عليها عند كونها موجودة بوجود واحد هو وجود المركب.
ولا تظنن ان مبدء النطق الذي هو النفس الناطقة ليس للحيوان، لينضم معه فيصير الحيوان به انسانا، مع انه غير صالح للفصلية لكونه موجودا مستقلا في الخارج، بل هذا المبدء مع كل شئ حتى الجماد أيضا، فان لكل شئ نصيبا من عالم الملكوت والجبروت. وقد جاء ما يؤيد ذلك من معدن الرسالة المشاهد للأشياء بحقايقها، صلوات الله عليه، مثل تكلم الحيوانات (13) والجمادات معه (14). وقال تعالى: (وان من شئ الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم). وظهور النطق لكل أحد بحسب العادة والسنة الإلهية موقوف على اعتدال المزاج الانساني واما للكمل فلا (15). لكونهم مطلعين على بواطن الأشياء (16) مدركين لكلامها. وما قال المتأخرون بان المراد بالنطق هو ادراك الكليات لا التكلم، مع كونه مخالفا لوضع اللغة لا يفيدهم لأنه موقوف على ان الناطقة المجردة للانسان فقط، ولا دليل لهم على ذلك ولا شعور لهم. على ان